للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يتردد الرأي فيه أن يكون خاثراً يتأتى تعاطيه بالملاعق، ويتأتى تحسّيه على ثخونته، فكيف الوجه؟ هذا محتمل عندي: يجوز أن يقال: تحسّيه شربٌ في حكم البر والحنث، ويجوز أن يقال: يتناوله اسم الأكل والشرب جميعاًً. والإهالة (١) الخاثرة وإن كان تتحسى لا يبعد انطلاق اسم الأكل فيها، والعلم عند الله.

ولو قال في يمينه: لا أطعم أو لا أتناول، عمّ ذلك الأكلَ والشربَ. ولو قال بالفارسية " نخورم " تناول الأكل والشرب. ولو قال: والله لا آكل، فإذا أدرك الطعم وازدرد منه المقدار الذي يزدرده الذائق، فهذا ليس أكلاً ولا شرباً، هذا ذكره القاضي الأصحاب.

ولو حلف لا يذوق، فأدرك الطعم، ثم مجّ ما ذاقه ولفظه، بحيث لا يفطر الصائم، ففي حصول الحنث وجهان: أحدهما - لا يحصل؛ فإن الذوق لا يطلق حقيقة إلا عند وصول شيء نَزْرٍ إلى الباطن، فإذا مج، ولفظ، يقال: أدرك الطَّعْم، والأصح أنه ذائق وإن لم يزدرد.

ولو قال: لا أذوق، فأكل وشرب، فالأصح أنه يحنث؛ فإنه ذاق وزاد، وأبعد بعض الأصحاب فيما نقله بعض المصنفين، وقال: لا يحنث إذا أكل وشرب؛ فإن اسم الذوق يستدعي اقتصاراً، فإذا استتم الإنسان أكلاً، لا يقال ذاق، وهذا [تخييل] (٢) لا حاصل له.

ولو قال: لا آكل السكر والفانيذ، فوضع سكرة أو فانيذة في فيه، وترك حتى ذاب، وابتلع الذائب؛ فالذي ذهب إليه الأكثرون أن هذا ليس بأكل؛ فإن الأكل إنما يجري فيما يمضغ ويردّد ويزدرد.

ومن أصحابنا من قال: هو أكل، وهذا متجه؛ فإن الذي فعل ما وصفناه لا يقال: شرب السكر، ولو مضغ وازدرد الرضاض، فهو آكل، وإن مضغ حتى انماع بمضغه، ففيه الخلاف، والحنث هاهنا أولى لجريان المضغ.


(١) الإهالة (بالكسر): الشحم، والزيت، وكل ما يؤتدم به (المعجم).
(٢) في الأصل: تحصيل، والمثبت من تصرف المحقق، على ضوء المعهود من عبارات الإمام.
والحمد لله فقد صدقتنا (ق).