للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال: لا آكل العنب والرمان، فاحتوى بفيه على المحلوف عليه ولم يزدرد من الثُّفْلِ شيئاً، فقد قال القاضي: لا يحنث، وفيه الاحتمال الذي ذكرته، في انمياع السكر والفانيذ؛ فإن من كان يمجّ الثُّفْلَ يسمى آكلاً للرمان والعنب، والمتبع في الأيمان خاصةً العرفُ والإطلاقُ [لا] (١) حقاًئقُ الصور. نعم، لو جمع ماء الرمان والعصير وشربهما، فليس أكلاً، ولو قال قائل: ليس المصّ شرباً، ولا آكلاً، كما أن الذوق ليس أكلاً ولا شرباً، لكان ذلك قولاً، ولم يصر إليه أحد فيما أظنه.

١١٨١١ - وفيما قدمته من المسائل دقيقة، يجب التنبيه لها، وهي أن من قال: لا آكل، فالحنث يحصل بالقليل والكثير، وإذا كان كذلك، فالمقدار الذي يتجرعه الذائق، لم [يخرج] (٢) عن الأكل والشرب مع قول الأصحاب؛ فإن الحنث يحصل بالقليل حصولَه بالكثير، وإذا جمع الجامع بين هذا وبين ما ذكره الأصحاب من أن ما يحصل به الذوق ليس حنثاً في الأكل، ولا في الشرب، تنشّأ (٣) له بعد هذا التنبيه مسلكان: أحدهما - أن المقدار الذي هو على حد الذوق ليس أكلاً ولا شرباً، وإنما يحصل الأكل والشرب بعد ذلك. ثم ينقسم إلى القلة والكثرة.

والمسلك الثاني - أن يقال: الزائد على حد الذوق لا يعتبر فيه القصد، وهو أكل أو شرب، والقدر الذي يحصل الذوق به قد يختلف الأمر فيه بالقصد؛ فإن قصد الأكل ولم يَبغْ درك طعمه، فهو آكل أو شارب، وإن قصد به درك الطعم، فهو ذائق، وليس بآكل ولا شارب. فهذا هو الممكن عندنا في ذلك.

فصل

قال: " ولو حلف لا يأكل سمناً، فأكله بالخبز ... إلى آخره " (٤).

١١٨١٢ - إذا حلف لا يأكل سمناً، وكان ذائباً فتحسّاه، لم يحنث، لأنه شرب


(١) في الأصل: " إلا ". وقد صدقتنا (ق).
(٢) في الأصل: " خرج ".
(٣) تنشأ لحاجته: إذا نهض ومشى لها (المعجم) والمعنى هنا ظهر له بعد هذا التنبيه مسلكان.
(٤) ر. المختصر: ٥/ ٢٣٦.