للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلاف أن نيته متبعة. وإن كان لفظه مطلقاً، ففي المسألة قولان مأخوذان من تمييل (١) الشافعي قوله، فإنه قال: " إذا لم يكن له نية، خشيت أن يحنث "، يعني إذا لم يرفع بعد العزل، وهذا الاختلاف مأخوذ من الإشارة والوصف في قول القائل: [لا آكل] (٢) لحم هذه السخلة، فإذا كبرت، ففي الأكل من لحمها الكلامُ المقدم. فإذا قال: إلى فلان القاضي، فتسميته بمثابة الإشارة، والقضاءُ وصفه.

ولو قال: لا أرى منكراً إلا رفعته إلى قاضٍ، لم يتعين عليه قاضٍ، ولا أثر لموت من مات، وفوت من فات، ولو قال: لا أرى منكراً إلا رفعته إلى القاضي، فهل يتعين لهذا الشأن القاضي الذي في البلد وقتَ التلفظ؟ فعلى وجهين مذكورين في بعض التصانيف.

وفي المسألة احتمال إذا كان اللفظ مطلقاً؛ من جهة اقتضاء الألف واللام التعريف، والتعريف يتردد بين صاحب الأمر المنتصب في المكان والزمان، وبين الجنس، وهذا أغلب وأوقع. وهو كقول القائل: القاضي لا يداهن، ولا يفضل خصماً على خصم، فليس المراد بهذا معيناً. ولكن المراد الكلام على جنس القضاة، ولو قال: " إلى فلان القاضي "، فعُزل، رأينا أن الرفع إليه بعد العزل لا يدخل تحت مطلق اليمين.

فلو كان رأى منكراً في حالة قضائه، ولم يرفعه حتى عزل، فلو وُلّي بعد العزل، رفعه إليه؛ فإن الشخص [ذاتُ] (٣) الشخص، والولاية محققة، على هذا إذا عُزل لا نقطع بالحنث، ونحن ننتظر أن يولَّى مرة ثانية.

وإن قال: [أرفعه] (٤) إلى القاضي، فلو مرّ القاضي بمنكر وعاينه، فهل يرفعه إليه؟ نُظر: فإن كان مع القاضي، فيبعد أن يقال: يرفعه إليه؛ فإنهما مشتركان في الاطلاع على المنكر، ولو رآه القاضي وحده، أو رفع إليه لا من جهة الحالف، فهل


(١) تمييل: أي عدم قطع؛ فإنه قال: " خشيت " وفي (ق) تمثيل.
(٢) في الأصل: " لا أكلم ".
(٣) في الأصل: " ذلك ". والمثبت من تصرف المحقق.
(٤) في الأصل: " ارفعوا ". وصدقتنا (ق).