للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحلف، لم يقع الحِنث به، وإن انفصل عنه، حَنِث.

ولو قال: لا أتكلم، فقرأ القرآن، أو سبّح، وهلّل، فقد قال الأصحاب: لا يحنث- وهذا ظاهر في قراءة القرآن، ولو قال: لا أتكلم، فأخذ يردد شعراً، كان ذلك كلاماً، ومذهب أبي حنيفة (١) رضي الله عنه أنه يحنث بالتسبيح والتهليل، وفيه احتمال، أخذاً مما ذكرناه من إنشاد الشعر وما في معناه.

فصل

قال: " ولو حلف لا يرى منكراً إلا رفعه إلى القاضي ... إلى آخره " (٢).

١١٨١٧ - إذا قال لا أرى منكراً إلا رفعته إلى فلان القاضي، فإذا رأى منكراً وأراد البر، فليرفعه إليه إذا تمكن، وإن أخر الرفع، ثم رفع إلى من عَيَّنَ مع اطراد الولاية، برّ في يمينه؛ فإنه ليس في لفظه ما يتضمن [تعقيب] (٣) رؤية المنكر بالرفع، ولو تمكن من الرفع، ولم يرفع إلى من عَيَّنَ حتى مات [ذلك الشخص، يحنث حينئذٍ. ولو رأى المنكر ولم يتمكن من الرفع حتى مات] (٤)، فقولان.

ولو رأى وابتدر الرفع غير مؤخِّرٍ، فمات القاضي قبل انتهاء الرفع إليه، ففي المسألة طريقان: أحدهما - القطع بأنه لا يحنث، ومن أحاط بما جمعناه في فصل الإكراه والنسيان، وذكرناه في ترتيب المسائل بعضِها على البعض، لم يخف عليه أمثالُ ما نحن فيه.

ولو عُزل القاضي ورأى منكراً بعد عزله، فهل يتعلق البر برفعه إليه بعد العزل؟ إن كانت له نية في تخصيص الرفع بحالة القضاء أو في تعميم الرفع في الأحوال، فلا


(١) ر. المبسوط: ٩/ ٢٢، حاشية ابن عابدين: ٣/ ١٠٤.
(٢) ر. المختصر: ٥/ ٢٣٦.
(٣) زيادة من المحقق، استئناساً بلفظ الغزالي في البسيط، حيث قال: " ... فإن أخره مع التمكن يوماً ثم رفعه، فقد حصل البر، إذ ليس في لفظه ما يوجب التعقيب " (البسيط: ٦/ ورقة: ٧٩ شمال). وقد صدقتنا (ق).
(٤) زيادة من نسخة (ق).