للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الغَلَق، فصورته أن يقول: إن دخلت الدار، فعليّ صدقة أو عتق، أو ما أراد مما يُلتزم بالنذر، وشرط تصوير الغلق أن يقصد بذكر الملتزَم منع نفسه من الإقدام أو الإحجام، على حسب صيغة اليمين، فإذا ذكر ما ذكر على حكم اليمين، ثم حنِث، فحاصل ما ذكره الأصحاب ثلاثة أقوال: أحدها -وهو المنصوص الظاهر- أنه يلتزم كفارة اليمين بالله تعالى إذا حنِث، ولا يلتزم الوفاء بالملتزَم، وقال الشافعي في بعض المواضع في المسألة قولان: أحدهما - أنه يلزم كفارة اليمين، وسكت عن القول الآخر، فقال الأصحاب: الظاهر أن القول المسكوت عنه إيجاب الوفاء، فحصل قولان. والقول الثالث - أنه يتخير بين كفارة اليمين وبين المذكور الملتزَم، وهذا القول مأخوذ من لفظ الشافعي في مسألة من كتاب الإيلاء، وقد ذكرناها.

فانتظم بما أشرنا إليه ثلاثة أقوال نوجهها على قدر الحاجة:

من قال: الواجب كفارة اليمين، وهو مذهب عائشة وعطاء، فمعتمده أن وضع اليمين على ألا يلتزم الحالف ما صرح به؛ من جهة أنه لا يذكر الالتزام [تقرباً] (١)، وإنما يذكره ليمتنع بسببه أو [ليُقْدم] (٢)، وحكم الشرع فيما هذا سبيله الكفارة، والملتزَم في اليمين بالله الامتناعُ أو الإقدام، ولا يجب واحد منهما عندنا.

ومن أوجب الوفاء، احتج بأنه التزم أمراً يمكن التزامه، فإذا ألزمناه شيئاً، فالوفاء أقرب لازمٍ.

ومن قال بالتخيير -وإليه ميل القاضي- احتج بتردد الصيغة بين اليمين والنذر، وهذا التقاوم يقتضي تردداً بين الأصلين، ونتيجتُه التخيير (٣).

١١٨٢٧ - ثم سميت الصيغة بيمين اللِّجاج لجريانها غالباً حالة اللِّجاج، وسميت يمين الغَلَق، لأن صاحبها يُغلق على نفسه باباً في إقدام أو إحجام، ثم قد يختلط يمين الغَلق بنذر التبرّر في كثير من الصور، ويختلف ذلك بقصد القائل، ثم الحكم أنه إن


(١) في الأصل: " مقرّاً ". والمثبت من (ق).
(٢) في الأصل: ليجد. والمثبت تصرف من المحقق على ضوء السياق. عسى أن يكون هو الصواب. والعبارة: مطموسة في (ق).
(٣) عبارة (ق): " يقتضي تردداً بيّناً، ويتجه التخيير ".