للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: " ومن نذر المشي إلى بيت الله ... إلى آخره " (١).

١١٨٤٩ - قد تقدم القول في نذر الحج إذا وقع التصريح به، وهذا الفصل [فيه] (٢) إذا نذر إتيان مكة من غير تعرض للحج والعمرة، ونحن نرتب في ذلك قولاً على ما ينبغي.

فنجدد العهد أولاً بالقولين في أن من أتى مكة من غير نذر، وأراد دخولها، فهل يلزمه أن يدخلَها محرماً، أم له أن يدخلها من غير إحرام؟ وقد ذكرنا في ذلك قولين في كتاب الحج، ومما نحتاج إليه في هذا الفصل اختلاف القول في أن المطلَقَ في النذر هل يتقيد بواجب الشريعة أم لا؟ وقد مهدنا هذا على القرب.

ومما أرى تقديمَه -وهو مقصود في نفسه- تفصيل القول فيه إذا نذر أن يأتي مسجداً من المساجد سوى المسجد المحرم، قال العلماء: إذا أطلق النذرَ، [و] (٣) عيّن مسجداً سوى المسجد المحرم؛ فإن كان المسجدُ الذي عيّنه غيرَ مسجد المدينة ومسجدِ القدس، فلا يلتزم بالنذر شيئاً أصلاً؛ فإنه ليس في قصد مسجد بعينه غيِر المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، ومشجد المدينة، ومسجد إيليا- قُربةٌ مقصودة، وما لا يكون عبادةً، ولا قربة مقصودةً، فهو غير ملتزَم بالنذر. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا ومسجد إيليا " (٤) أراد المسجد الأقصى، وكان شيخي يفتي بالمنع عن شد الرحال إلى غير هذه المساجد، وربما كان يقول: يكره، وربما كان يقول: يحرم تعلّقاً بظاهر


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٣.
(٢) في الأصل: " منه ".
(٣) (الواو) زيادة اقتضاها إقامة العبارة والمعنيُّ بإطلاق النذر عدمُ تقييده بشيء آخر غير الإتيان.
(٤) حديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وغيرهما. ر. اللؤلؤ والمرجان: الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ٢/ ٢٨٧ ح٨٨٢.