للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك الصفة، وذلك التعليق الذي كان منه، مُحبَط (١) لا وقع له، ووجودُه وعدمه بمثابةٍ، وفي كلام الشيخ أبي علي ما يدل على أنّا إذا فرّعنا على وجه الصحة، ولم نبطل الصلاة بما علّق، فإذا وُجدت الصفة نقضي بالبطلان، فإن مقتضى تغييره، وتعليقه هذا.

والذي أراه في ذلك أنه إن صح الحكم بالبطلان عند وجود الصفة، فيظهر على هذا أن يقال: نتبين (٢) عند وجود الصفة أن الصلاة بطلت من وقت تغيير النيّة؛ فإنّا بطريان الصفة نتبين أن ما جرى من التغيير خالف مقتضى النيّة في حكم ما وقع.

وفي كلام الشيخ أبي علي في شرح التلخيص ما يدلّ على أن من علق الخروج بانتصاف الصلاة، أو مضيّ ركعةٍ منها، أن الصلاة لا تبطل في الحال. ولو رفض (٣) المصلي ذلك التردد قبل الانتهاء إلى الغاية التي ضربها، فتصحّ صلاته. وهذا بعيد جداً.

فهذا حكم الصلاة في التردد ونيّة الخروج.

٧٨٧ - فأمّا الحج، فلا تُؤثر فيه نيّة الخروج، ولا تنقطع بالإفساد.

وأما الصوم، فقد قال الأئمة: تعليق نيّة الخروج لا تبطله وجهاً واحداً. وجَزْمُ نية الخروج هل تبطله؟ فعلى وجهين. والفرق بين الصلاة والصوم أن الصلاة مشتملة على أفعالٍ مقصودة، وإنما تقع عباداتٍ بالنيات، فكانت النياتُ مرعية معيّنةً، فإذا ضعفت بالتردد، يجوز أن تبطل، والصوم إمساك وانكفاف، والنية لا تليق بالتروك، كما تليق بالأفعال، فلا يضر ضعفُ النيّة. ولا يحتاط الشرع في نيته احتياطَه في الأفعال المقصودة. وأيضاً، فإن الصلاة مخصوصة من بين العبادات بوجوه من الربط، ولا يتخللها ما ليس منها إلا على قدر الحاجة.

٧٨٨ - ومما يتعلق بهذا الفصل أن المصلي بعد التحرّم إذا شك، فلم يدرِ أنوى أم


(١) "محبطُ": أي مهدرٌ، لا أثر له. من: أحبطتُ العمل والدمَ إذا أهدرته. (المصباح).
(٢) سبق تفسير التبين ومعناه في اصطلاح الأصوليين.
(٣) رفض من باب ضرب، وفي لغة من باب قتل أي ترك. (المصباح).