للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فحق عليه أن يُشهر أمرَ نفسه، ويبيّن محِلَّه من الصلاح للأمر، ولو مست الحاجة إلى الطلب، تعيّن عليه الطلب؛ فإنه لا يصلح غيره، وقد تعين (١) عليه، وفروض الأعيان لا تسقط باستشعارٍ يتعلق بالعواقب والمغيَّبات، بل حكم الله أن يتصدى لما تعين عليه، ثم حق عليه أن يراقب الله فيما لَه وعليه. وهذا كأحكام الإسلام، فالخلق منها على خطر، ولكنهم مدعوّون إلى المراشد مزجورون عن نقائضها، وكلٌّ ميسّر لما خلق له.

هذا إذا كان لا يصلح غيره، ثم يتعين عليه الطلب، ويتعين على الإمام النَّصْب والتقليد.

١١٨٨٣ - وإن كان ثَمّ من يصلح للأمر، ولكنه أفضلهم وأصلحهم، فقد اضطرب أرباب الأصول في إمامة المفضول، وإذا منعناها مع القدرة على نصب الفاضل، فلو أراد الإمام أن ينصب قاضياً مع القدرة على نصب من هو أفضل عنه، ففيه تردُّدٌ للأصوليين.

والذي ذهب إليه الأكثرون -وهو المختار- أن نصب المفضول في القضاء جائز، وإن منعناه في الإمامة؛ فإن نصب المفضول للإمامة مع القدرة على نصب الفاضل تفويتٌ لمزية فضل الفاضل على المسلمين، والنظر الكلي من الفاضل عظيم الغناء، وإذا نصب الإمام مفضولاً، ونظرُه من ورائه، وهو يرعاه بالعين الكالئة، فلا تفوت المزية، والعلم عند الله، والتفريع على جواز نصب المفضول للقضاء. فإن ابتدأ الإمام ونصب مفضولاً، فلا معترَض عليه.

١١٨٨٤ - وغرضنا الكلامُ في الطلب وقد تصدى لنا فاضل ومفضول، فنتكلم في طلب المفضول، ثم نتكلم في طلب الفاضل:

أما المفضول إذا طلب القضاء، فقد قال القاضي: يحرم عليه الطلب، وهذا مع تصحيح نصب المفضول خطأ، وقد قال: يكره للإمام أن ينصبه، وحكم الطلب يُتلقى من حكم النَّصْب.


(١) تعين عليه: أي صار فرضُ الكفاية فرضَ عين بالنسبة له.