للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والقول الوجيز فيه: أنه إذا جاز النصب وصحّ، فطلبُ الجائز الصحيح كيف يحرم؟ فالوجه الاقتصار على كراهية الطلب مع [وجود] (١) الفاضل، وسيأتي في هذا [مزيد] (٢) شرح عند ذكر استواء المناصب. وقد تبيَّن المقصود.

١١٨٨٥ - فأما الفاضل إذا طلب، فالقول في طلبه لا يستدّ إلا بعد ذكر استواء مناصب الرجال، فنقول: إذا تصدى للأمر طائفة متماثلون في الصلاح للأمر، فيقع الكلام في فصلين: أحدهما - في نصب الإمام من غير طلب، والآخر - في الطلب.

فأما إذا نصب الإمام واحداً من المتماثلين، فلا يكره له التقلّد إلا إذا كان يغلب عليه استشعارُ الميل عن مواقف الشريعة، فإن كان كذلك، وتمكّن من مقابلة تقليد الإمام بعذرٍ، فلا شك أن الذي يقتضيه الدين الاجتنابُ، والسببُ فيه أن الأمر وإن كان عظيمَ القدر بالغَ الأجر، فالخطر أعظم، ومن تصدى له فرض كفاية، وكان يغلب على ظنه غررٌ ينال نفسَه، فحق عليه أن يجتنب. وبيانُ الفصل عند نجازه.

وإن لم يغلب عليه استشعار المخالفة من نفسه، وقد قلده الإمام بدءاً من غير طلب منه، فينبغي أن يتقلد؛ جرياً على قول المصطفى عليه السلام: " إن أوتيتها عن غير مسألة، أُعنت عليها ".

وذكر العراقيون وجهين في وجوب التقلّد عند تقليد الإمام، وهذا فيه إذا كان تقليده جازماً، فأما إذا كان على خِيَرة، فلا وجوب؛ فإن الشيء إنما يجب إذا أوجب الإمام القيامَ به، وجزم الأمرَ فيه، ثم الوجهان فيه إذا لم يستشعر من نفسه المخالفة، فإن استشعرها، فالحِذارُ ما وجد إليه سبيلاً.

هذا قولنا في النَّصْب مع تساوي الدرجات.

١١٨٨٦ - فأما الطلب -وهذا أوان الكشف التام فيما سبق وبقي- فنقول: للطالب ثلاثة أحوال: إحداها - أن يعلم من نفسه اغتلامَ الشهوات وثورانَ القوى الغضبية والتشوّفَ إلى تعدي المواقف، فمثل هذا تشتد الكراهية في حقه في الطلب، وإن


(١) زيادة من المحقق.
(٢) في الأصل: " مرية ".