للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

انكفاف الناس قاطبة عن هذا الأمر المهم؛ فإنهم يتخاذلون ويتواكلون، فيتعطل الأمر؟ قلنا: لا مخافة من هذا، والمحذور التكالبُ على العمل، والازدحامُ عليه؛ فإن النفوس تستحث أربابها على طلب أسباب الاستعلاء، فمن حِكْمة الشرع تغليبُ التحذير، والجبلاتُ تغالبه، حتى يتوقع منه اعتدالٌ في الإقدام.

وهذا يناظر من أصول الشرع [قولنا] (١): لا يجب على الزوج أن يستمتع، وإن قطعنا بأن الغرض الأظهر من النكاح إعفافُ الزوجين عن السفاح، وهذا فيها بمثابته في جانب الزوج، ولكن اكتفى الشرع في جانب الزوج باستدعاء الجبلّة بحكمةٍ بسيطة ذكرناها في موضعها.

١١٨٨٧ - وقد كنا أبهمنا قولاً في طلب الفاضل، وفيما ذكرناه بيانه، فإن كان يغلب على الظن أمنُه من العدوان، فالطلب أفضل له، ومزية الفضل تمحو الكراهية، وإن كان يعلم من نفسه التعدي والهيج، فالحِذار؛ فهذا لا يكافئه مطلوبٌ في الباب، ولا فرق في هذا المقام بينه وبين واحد، والمناصب مستوية، وإن لم يعرف من خُلقه محذوراً، ولم يختبر نفسه في العظائم، فالقول فيه كالقول في واحد مع استواء الرتب، إلا أن الكراهية إن أطلقناها، فهي أخف. وإن ذكرنا خلافاً، فهو على استواء الرتب.

وقد انتجز القول في طلب القضاء وتقلُّده وتقليده، واستعمالنا ما ذكره الأصحاب حيث رأينا استعمالَه.

فصل

قال: " وأن يكون في غير المسجد لكثرة الغاشية ... إلى آخره " (٢).

١١٨٨٨ - ظاهر ما نقله المزني أن التصدي للقضاء في المسجد لا يلتحق برتبة المكروه، ولكن الأَوْلى تركُه، وكلام الشافعي في مجموعاته ناص على الكراهية.


(١) في الأصل: " ما قلنا ".
(٢) ر. المختصر: ٥/ ٢٤١.