والتزام [جزئها](١) كمسألة المثقّل، ومعظم مسائل الحدود والغصوب.
فإن قيل: ما من مسألة مبناها على القياس إلا ويشتمل أحد المذاهب فيها على قياسٍ مقدم في المرتبة، وقد ذكرتم أن ما يتعلق بترتيب الأدلة، فالنقض متسلط عليه.
وتمام البيان في ذلك أنه إن تقاوم المسلكان وعرف الأصولي تقاومَهما، ثم حُكْم الله في تقاوم المآخذ بيّنٌ، فقد يكون تخييراً، وقد يكون تغليباً، إذا ثبت التغليب في الفن، فإذا لم يكن تقاوم، فلا تميّز إلا بالرتبة.
ثم القواطع منها جلي، ومنها خفي يتوصل إليه بمزيد فكر. وعلى ذلك تجري المعقولات.
قلنا: هذا الآن سرف ومُجاوزة حد، ويلزم منه جريان النقض في جميع المسائل، والقول المقرّب إلى الضبط أن الكلام إذا تعلق بالترجيح، فلا يكاد يُفضي إلى القطع، فقد يتعارض قياسان لا يَتَوصَّل الأصولي إلى إيقاعهما في مرتبتين لازدحام مسائل الفقه، وتداني الأقدام في ادعاء الجلاء والخفاء، وهذا يعرفه الفقيه.
ولا ينفصل فيه أمر يقطع به الأصولي. وهذا القسم الذي إليه الانتهاء موضعُ تصويب المجتهدين على رأي، والحكم بأن المصيب واحد لا بعينه في رأي.
ولو قال قائل: كل ما لا يتعين فيه مصيب، أو يصار فيه إلى تصويب المجتهدين، فلا يجري فيه نقض القضاء، لكان كلاماً مستقيماً راجعاً إلى ما اعتبرناه من ثبوت القطع وعدمه.
١١٨٩٨ - وقد ذكر الشافعي مسائل في نقض القضاء، فنذكرها تيمناً؛ قال: من فرّق بأكثر كلمات اللعان، وأقامها مقام الكل نقضتُ قضاءه.
وقال: من حكم بأن امرأة المفقود إذا تربصت أربع سنين، واعتدت عدة الوفاة، نكحت، نقضتُ قضاءه، وإن قال به عمر.
(١) في الأصل: " جرمها ". والمثبت تصرف من المحقق، وفي عبارة الغزالي في (البسيط) ما يؤيده؛ إذ قال: " ما يتقاوم فيه قياس جزئي، وقانون كلي، فالحكم المخالف للقانون الكلي منقوض كحكمهم في مسألة المثقل، ومعظم مسائل الحدود والغصب " (ر. البسيط: الجزء السابع/ورقة ٩٩ شمال).