للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يديه، وحسنٌ أن يدفع نسخة إلى صاحب الحق؛ فإن فاتت نسخته، رجع إلى ما خُلّد في مجلس الحكم، وهان عليه الوصول إلى خريطة السنة، ثم إلى الشهر، ثم إلى الأسبوع، ثم إلى اليوم.

هذا ذكر المراسم، ووجه الاحتياط فيها بيّن.

وإن امتنع القاضي من الكِتْبة، وكان صاحبُ الحق يستدعيه، ويبغي التوثقَ بالسجل المكتوب؛ فهل يتعيّن على القاضي إجابته إلى ملتمسه؟ وهل له أن يمتنع عن الكِتْبة؟ فعلى وجهين- ذكرهما العراقيون: أحدهما - أنه لا يجب عليه الإجابة إلى الكِتْبة؛ فإنه لا تعويل على المكتوب، وإنما المعوّل على التذكُّر عند مسيس الحاجة، والثاني - أنه يجب إسعافُ الخَصم؛ فإن الخطوط وإن كان لا تُعتَمد فهي مذكِّراتٌ، وما كتَبْتَه تقيّد، وما أهملته تشرّد.

ثم إذا أراد القاضي أن يكتب، فالكاغد من طالب الكِتْبة؛ فإنه الذي يبغيها، ولو أراد كَتْب المحضر، فإن كان يعرف الخصمين بأسمائهما وأنسابهما بين المحضرَ عليها، ولا بأس لو ضم إلى الأسماء والأنساب الحِلْيَة تأكيداً، وإن كان لا يعرف نسبهما واسمهما، فيكتب في المحضر حضر المجلس خصمٌ، وذكر أنه فلانُ بنُ فلانٍ، وادعى على من زعم أنه فلانُ بنُ فلانٍ، ويعوِّل على الحلية؛ فإنه ليس يعرف الاسم والنسب، هذا صيغة المحضر.

وحكى العراقيون عن ابن خَيْران أنه لا يعقد المحضر مع الجهل بالأنساب والأسماء؛ فإن التعويل على الحِلْية، والحِلْية تحول، ولا تثبت.

وهذا ليس بشيء، والمذهب ما قدمناه.

ونشّأ الأئمة من فصل الكِتْبة خلافاً شهّروه في أن القاضي لو كان أمياً هل يجوز؟ فذهب الأكثرون إلى جواز ذلك، وكان سيد البشر صلى الله عليه وسلم أمياً، [وهذا] (١) يعتضد بما ذكرناه من ترك التعويل على الخطوط، كما سنوضحه من بعدُ.

ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أن يكون القاضي أمياً لكثرة الحاجة إلى الكِتْبة،


(١) في الأصل: " وهو ".