للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والنظر في المكتوب، وكل ما يظهر أثره ويتضمن نقصاً بيّناً، فيجب ألا يتصف القاضي به. وسنجمع في ذلك قولاً ضابطاً عند ذكرنا شرائطَ الولاة.

فصل

قال: " ولا يقبل من ذلك ولا مما وَجَدَ في ديوانه إلا ما حَفِظ ... إلى آخره" (١).

١١٩٢٣ - غرض الفصل بيان ما أجريناه من أن الخط لا معول عليه، وبيانُه في حق الشاهد أنه لو رأى خطَّ نفسه في تحمُّل الشهادة، ولم يتذكر تحمّله لها، فليس له اعتماد الخط في إقامة الشهادة، وكذلك القاضي إذا رأى خطَّه متضمناً إمضاء القضاء، فإن تذكره، جرى عليه، تعويلاً على الذكر دون الخط، وإن لم يذكره، توقف، وسنذكر في كتاب الدعاوى -إن شاء الله- أنه يجوز للإنسان الاعتماد على الخط في الحلف، وقد يسوغ أن يعتمد خط أبيه إذا كان معتمَداً عنده، ويبني عليه الحلف، على ما سيأتي مشروحاً، إن شاء الله.

وإنما غرضنا الآن بيانُ حكم الشاهد والقاضي، وليس لواحد منهما أن يعتمد الخط، وكنا نراجع شيخَنا فيمن يتحمل الشهادة، ويثبتُها في ديوانٍ عنده، ثم يضعها حيث يقطع بأنه لا وصول إليه من جهة أحد، ويعلم على اضطرار أنه لا يُثبت في ذلك الديوانَ إلا ما تحققه، فإذا اطلع عليه، فكيف السبيل فيه؟ فربما كان يقول بعد تردد: هذا تذكر، وإنما نمنع اعتمادَ الخط إذا لم يجر مثلُ ما ذكرناه، فكأنّا نقول: صورةُ الخط لا تعتمد مع إمكان التزوير وتشبيه الخط بالخط.

فأما إذا تحقق واضطر إلى الدَّرْك، جاز الاكتفاء بذلك.

ورأينا الأصحاب في الطرق لا يسمحون بهذا، ويطردون اشتراط التذكر، وقيامَ الواقعةِ في وجدانِ النفس، وهذا على هذا الحد قد يحسم إقامةَ الشهادة، سيّما إذا


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٤٣.