للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧٩٢ - قال الشيخ أبو علي: لو كبّر وشكّ كما ذكرناه، ثم قصد التحلل -إن كان عَقْدٌ- عند التكبيرة الثانية، فلو كانت التكبيرة الأولى عاقدة، ما حكمه؟ قال: هذا يُبنى على أن من قصدَ نية الخروج مُعلِّقاً على أمرٍ في المستقبل، فهل يصير في الحال خارجاً أم لا؟ فيه من التردّد ما ذكرناه قبلُ: إن قلنا: يصير خارجاً، فقد خرج بمجرد ما جرى به من الذكر، ولم يتوقف خروجه على جريان التكبير الثاني. فإذا أقدمَ على التكبير الثاني، فيكون متجرداً للعقد، فيصح.

هذا تفريع على وجهٍ. وفيه نظر؛ فإنه لو اعتقد أن التحلل يحصل بالتكبير الثاني، فقد جاء به على قصد التحلل؛ [فينبغي أن يفسد بقصده، وإن كان التفريع على أن التحلل] (١) وقع قبله، إلا أن يتفطّن صاحب الواقعة لينجِّز الانحلال قبل الإقدام على التكبير الثاني، [فيُقدم عليها عاقداً، فيكون كما قال، فأمّا إذا أقدمَ على التكبير الثاني] (٢) وهو يظن أن الحلَّ يحصل به، فينبغي أن يفسد لقصده (٣).

ثم فرع على الوجه الثاني -وهو أن من علق الحلّ بأمرٍ في المستقبل، لا تنحل صلاته في الحال- فقال على هذا: يحصل الحلّ عند التكبيرة الثانية، ولا يحصل العقد بها.

وهذا التردّد منه دليل على أن من علق التردّد على أمرٍ يقع لا محالة في الصلاة إن دامت، ففي التحلل في الحال قبل وقوع ما جعله متعلقاً للحلّ خلافٌ، كما حكينا ذلك عنه. وهذا ضعيفٌ غير سديدٍ، والوجه: القطع بانتجاز الانحلال في الحال في مثل هذه الصورة؛ فإنا ذكرنا قطعَ الأصحاب بأن من تردّد في أن يخرج أو لا يخرج،


(١) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٢) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٣) خلاصة النظر الذي أبداه الإمام في كلام الشيخ أبي علي، أن من أقدم على التكبير الثاني قاصداً به التحلل لا يصح أن تنعقد به الصلاة -حتى لو فرعنا على أن التحلل قد حصل قبله بسبب نيته الخروج من الصلاة- لأنه جاء به على قصد التحلل؛ فيفسد هذا التكبير بهذه النية.
ولا يُنجي من هذا الفساد " إلا إذا تفطن صاحب الواقعة، فنجز الانحلال قبل الإقدام على التكبير الثاني "؛ فحينئذٍ يصح التكبير الثاني للعقد، كما قال الشيخ أبو علي.