للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير أنا لم نتعرض لهذا [والمدعى عليه] (١) حاضر؛ فإنه منطلق اللسان بالدعوى، فليدّع.

وقد قال الأئمة: من ادعى على صبي أو مجنون، أو ميت، ولا نائب لهم، فإذا أقام البينة، فلا بد من التحليف، كما ذكرناه في القضاء على الغائب.

والذي أراه أن التردد الذي ذكره القاضي في أن اليمين احتياط أم وجوب، لا يجري في هذه المنازل؛ فإنا نتوقع من المدعى عليه إذا انتهى كتاب القاضي إلى موضعه أن يدعي بنفسه، وهذا لا يتحقق في الصبي والمجنون والميت، وحكم نفوذ القضاء إيصال الحق إلى مستحقه.

فإن فرّعنا في الغائب على الأصح -وهو اشتراط اليمين- فالتعرض لتصديق الشهود فيه بُعد عندنا، نعم قد نشترط على المدعي إذا كان يحلف مع شاهد واحدٍ أن يصدّق شاهده -على مذهبٍ- في يمينه (٢)؛ وذاك سببه أن الشاهد الواحد ليس ببيّنة. والبيّنة في مسألتنا كاملة.

فقد يعترض في التفريع على هذا الوجه الاكتفاءُ بتحليفه على أنه مستحق الحق الآن من غير بسط في ذكر [الجهات] (٣).

١١٩٣٠ - ومما نرى وَصْلَه بهذا المنتهى من أمر التحليف أن مستحق الحق لو وكّل وكيلاً، فأتى موضع الخصم الغائب، وأثبت الوكالة بالخصومة وأقام البينة، فلو قال المدعى عليه: إن موكِّلك برأني، أو استوفى منه، فلا يلزمني تسليمُ ما أقمتَ البينةَ عليه ما لم يحلف موكلُك، والوكيل لا يتصور أن ينوب عن موكله بالحلف.

قال القاضي رضي الله عنه: وقعت هذه الصورة بمرو في كتاب ورد من قاضي بخارى على قاضي مَرْو في إثبات وكالة بالخصومة، ثم انتهى الأمر إلى المسألة التي ذكرناها، فقال المدعى عليه ما وصفناه، وتوقف فقهاء مَرْو من الفريقين، فاستدرك


(١) في الأصل: " المدعى عليه " (بدون واو).
(٢) المعنى أن يَشتمل اليمين التي يحلفها المدَّعِي على تصديق شاهده، فيحلف أنه صادق في شهاته.
(٣) في الأصل: " الجهاد ".