الإمكان- كذا. وكذا، فيذكر الجنسَ المدّعَى والقدرَ، فأَصْغيتُ إلى دعواه، وأقام بينةً عادلةً، يجوز القضاء بمثلها، وحلّفته مع بينته، وطلب القضاء، فقضيت له بحقه، وطلب أن أكتب إليك هذا الكتاب؛ لتُحضر خصمه، وتلزمه الخروج عن حقه، فأجبته إلى ملتَمسه على موجَب الشرع، وُيعَنْوِن الكتابَ، ويختم عليه، ويَشهدُ عليه شاهدان، ويقرأ الكتاب على الشاهدين، ويكون قضاؤه بمرأى منهما ومسمع، ويعلمهما مضمونَ الكتاب، ويدفع إليهما نسخة ليطالعاها في الطريق؛ حتى لا يزلّ عن ذكرهما مقصودُ الكتاب.
ثم مذهب كافة أصحابنا أن التعويل على ما شهد به الشاهدان والكتاب رسمٌ أو استظهار، فلو لم يكن عندهما علم بمضمون الكتاب، فالكتاب ضائع لا منفعة فيه.
ولو قال القاضي الكاتب للشاهدين: هذا كتابي، ومضمونه قضائي، والختم ختمي، وقد أشهدتكما على ذلك، ولم يطلعهما على تفصيل القضاء، فالذي ذهب إليه الأصحاب أن ذلك لا يُجدي ولا يفيد، فليقع التعويل على تحمل الشاهدين لتفصيل القضاء.
وقال أبو سعيد الإصطخري: إذا وقع الإشهاد مجملاً كما وصفناه، عمل المكتوب إليه بمضمون الكتاب؛ فإن الثقة تتم بماجمال الشهادة، والتفصيل يُتلقَّى من الكتاب. وهذا متروك عليه غيرُ معدود من المذهب.
وإذا تحمل الشاهدان تفصيل القضاء، ثم ضل الكتاب، أو انمحى فلا تعويل عليه، والمكتوب إليه يعتمد شهادة الشاهدين، حتى قال الأصحاب: لو شهد الشاهدان على تفصيل في القضاء، ففكَّ المكتوبُ إليه الكتابَ، فوجد بين مضمون الكتاب وبين شهادة الشاهدين تفاوتاً واختلافاً، فلا مبالاة بالكتاب، وليقع الحكم بشهادة الشاهدين.
ومما ذكره الأصحاب على هذا النسق، أن المكتوب إليه لا بد وأن تثبت عنده عدالة شاهدي الكتاب، فإن كان يعرفهما عدلين، وإلا استزكاهما.
ولو كان كتب القاضي في الكتاب: إن الشاهدين حاملي كتابي عدلان من أهل الشهادة، فهذا لغو، لا فائدة فيه، فإن التعويل على الكتاب لا سبيل إليه؛ فالمعتمد