للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يليق بموافقة دعواه، كما سيأتي شرح ذلك كلّه في مواضعها، إن شاء الله، فإذا صحت الدعوى كذلك، وقامت البيّنة على الوصف والتحديد، فإن استدعى المدعي القضاء بالبيّنة، أسعفه القاضي إذا صحت البينة، وقضى بالعين الغائبة، وكتب الكتاب على حسب ذلك.

فإن قيل: كيف يقضي ببقعة ليست في محل ولايته؟ قلنا: هذا غفلة عن القضاء، فلئن كان يقضي على رجل ليس في ولايته، فليقض ببقعة ليست في محل ولايته.

وعن هذا قال العلماء بحقائق للقضاء، وقضاء حاكم قريةٍ ينفذ قضاؤه في دائرة الآفاق، ويقضي على أهل الدنيا، ثم إذا ساغ القضاء على غائب، فالقضاء بالدار الغائبة قضاء على الغائب، والدار مقضي بها.

ثم سرّ هذا الفصل أن الكتاب إذا انتهى إلى البلدة التي بها العقار، فالغالب أن الشهود على الدار لا يصحبون الكتابَ وإنما يصحب الكتابَ شهودُ الكتاب. فلو قال الخصم: لا تزيلوا يدي من غير إشارة إلى الدار، قلنا: يقين التعيين كالإشارة، فكأن الشهود على بُعْد الدار أشاروا إلى الدار، وهذا واضح بيّن.

١٩٤٦ - فأما إذا كان المدعى منقولاً، فلا يخلو: إما أن يكون مملوكاً، أو غيره من العروض، [فإن] (١) كان المدعى عبداً أو أمة، ففي سماع البيّنة بالنعت والصفة والحلية قولان: أحدهما - أنها لا تُسمع؛ فإن الضبط في ذلك عسير، ومعتمد الشهود الإشارة في المنقولات، وليس ذلك كالعقار الذي يدرك فيه يقين التعيين. والقول الثاني - أن الشهادة تسمع بناء على نهاية الإعلام، كما سنصفه، إن شاء الله؛ لأن القضاء على الغائب وبالغائب مستند إلى الحاجة، وإلى إفضاء الامتناع عن القضاء إلى تعطيل الحقوق، وهذا مما يستوي فيه المنقول والعقار.

التفريع:

١١٩٤٧ - إن حكمنا أن البينة مسموعة، فعمادها غاية الوصف؛ فينبغي أن ينتهي الوصف إلى مبلغٍ يحصل التمييز به، ويبعُد التوافق معه، وذلك في الغالب


(١) في الأصل: "وإن".