لكل من يطلع على جرح أن يثبته، فافعل، وإن استمهل في ذلك، فقد نمهله ثلاثة أيام. وسنذكر أصلاً لهذا في نظائر هذا.
فإن قال: أتمكن من جرح الشهود إذا وردتُ البلدةَ التي بها القاضي الكاتب، وقد يُبدي في ذلك عذراً مُخيلاً؛ فإن أهل تلك الناحية أخبرُ ببواطن شهودها. فإن قال ذلك، لم يبالَ به؛ فإن الأمر يطول لو فعلنا هذا، والظن بالقاضي أنه لم يألُ جهداً ولم يقصر، ولو أمهلنا الخصم، لبطل أثر القضاء على الغائب. نعم، يقضي عليه المكتوب إليه، ويُلزمه الخروج عن عهدة الدعوى، ثم إن أمكنه إبداء جرحٍ إذا رجع إلى بلده، فليفعل.
١١٩٤٤ - ومن لطيف ما ينبه عليه -وهو ختام هذا الفصل- أن القاضي إذا قضى بشهادة شاهدين على حاضر، ثم تبيّن أن الشاهدين كانا فاسقين حالة القضاء، ففي نقض القضاء قولان، سيأتي شرحهما، إن شاء الله.
وإذا كان القضاء على غائب، فلو تبين كونُ الشاهدين مجروحين حالة القضاء، فلا خلاف في نقض القضاء، فإنا لو لم نقل ذلك، لجرّ هذا حَيْفاً على الغائب المقضي عليه.
وإذا كان المقضي عليه حاضراً، فهو المقصر لما لم يبحث.
ْوقد نجز القول في قسمٍ واحد من الدعوى المتعلقة بالغائب، وهو تفصيل القول في دعوى مالٍ في الذمة.
١١٩٤٥ - فأما إذا ادعى عيناً غائبة على غائب، فتلك العين لا تخلو إما أن تكون عقاراً أو منقولاً، فإن كان المدعى عقاراً، فقد أجمع الأصحاب على تصحيح الدعوى، ثم شرطوا المبالغة في الوصف، وذلك هيّن في العقار، وهو بذكر المَحِلة من البلدة، وذكر السِّكّة منها، فيذكر موقعَ الدار من السِّكة، وأنها الدارُ الأولى، أو غيرها، على يمين الداخل، أو على يساره، أو في صدر السكة، إن لم تكن نافذة، ثم التعرض للحدود، وينتهي الأمر إلى غايةٍ تفيد اليقين في التعيين.
فإن ادعى داراً كذلك في يد غاصب، وزعم أنه اغتصبها منه، وأقام البينة على