للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان ذلك نقلاً للشهادة، فالشهادة تنقل إلى كل قاضٍ، ولا معنى للتخصيص إذا كانت الحالة هذه.

وما تشتمل عليه الكتب من التخصيص إقامة الرسوم. فهي غيرُ ضائرة، ولا قادحة، والدليل عليه أن التخصيص إنما يتخيّل من تولية واستنابة، وليس لهذا القاضي أن يولّيَ أحداً في غير مكان ولايته، ولا أن يستنيب بحكم الولاية. وقد غلط أبو حنيفة (١) -رضوان الله عليه وأرضاه- لما قال في نقل البينة إذا عيّن قاضياً، تعيّن، فلا يعرض الكتاب على غيره، ولو عُرض على غيره، لم يعمل به، وقال: إن أراد الخصم في ذلك تعميماً، فليكن في الكتاب " كتابي هذا إلى فلان القاضي، وإلى من يبلغه كتابي من قضاة المسلمين ".

وهذا زلل بيّن، اقتضاه اعتقادُ الكتاب تفويضاً، أو تولية واستنابة، وذلك محال. وإذا انتجز الرجل كتاباً من حاكم مرو إلى حاكم نيسابور، فبدا لشهود الكتاب أن يقيموا بسَرَخْس، أو ينعطفوا إلى مرو (٢)، فالمدعي بالخيار: إن شاء أشهد على شهاتهم جماعة يصحبونه في الطريق إلى نيسابور، وإن شاء أوصل الكتاب إلى حاكم سرخس، واستدعى منه القضاء بالبيّنة المنقولة إليه، ثم [ينتجز] (٣) كتاباً منه إلى قاضي نيسابور. وهذا بعد تمهيد الأصول واضح.

وقد ذكرنا أن الكتاب لا معول عليه، وإنما التعويل على قول شاهدي الكتاب، فليقع الاعتناء بهما وبشهاتهما وذكرهما.

١١٩٤٣ - ومما يتصل بهذا المنتهى أن المدعي إذا نقل البينة، وقد حكم القاضي الكاتب بالتعديل، فلو قال الخصم عند الانتهاء إليه: شاهدا الأصل مجروحان، قلنا: أَبِنْ جرحَهما بشاهدين، فالقاضي الكاتب عدّل بناء على ظاهر الحال، وسوّغ


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٣٣٠، المبسوط: ١٦/ ٩٦، مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٣٨٩، مسألة ١٤٣٥.
(٢) كذا ولعلها: إلى بلخ، أو نحوها. وإلا فالكتاب في المسألة من قاضي (مرو).
(٣) في الأصل: " يتجه ".