ما صدر منه إلى السماع الحِسّي، ولا مزية في هذا للقاضي.
ثم اتفق الأصحاب على أنه إن عدّل الشهودَ، وحكم بعد التهم، فهو سائغ، وإن فوّض النظر في العدالة والجرح إلى المكتوب إليه، فهو سائغ أيضاً، ولكن العادة جارية بأن يعدّل الكاتب؛ لأن الشهود قد يكونون من أهل بلدته، ولا يعرفهم المكتوب إليه، ولا المزكون المرتّبون في مجلسه، فالنقل من غير تعديل قريبٌ من التعطيل، ولكنا مع ذلك نجوّز تفويض التعديل إلى المكتوب إليه، على شرط الإبلاغ في الإعلام، بناء على أن أهلَ بلدة المكتوب إليه ربما يعرفون الشهود، ويتوصلون إلى الغرض بالسؤال والبحث.
ثم الإعلام الذي كررناه مؤكّداً بالاسم، والرفع في النسب، وغيرهما من الأسباب، لم نَعْن بما ذكرناه فيه أن الأسباب مقصودة في أنفسها، بل الغرض الإعلام، فلو حصل الإعلام بالاسم المحض إذا كان الشاهد مذكوراً في البلاد بعيد الصِّيت، كفى ذلك.
فإذا تبين هذا، فصفة الكتاب في نقل البينة تصديراً وسياقاً كصفة الكتاب في القضاء المبرَم، غير أن الكاتب الناقلَ يصف الواقعة موثقة بالإعلام على الوجوه المقدمة، فإذا انتهى إلى سماع البينة، أو تعديلها بعد السماع، قال:" ثم فوّضت القضاء إليك بهذه البينة المنقولة إلى مجلسك فانظر نظرك، [ورَهْ](١) رأيك موفقاً مسدداً، إن شاء الله ".
١١٩٤٢ - فإن عيّن شخصاً، فمات المعيَّن الذي إليه الكتاب، لم يضر، ولم يؤثر في الواقعة، ورُفع الكتاب إلى غيره، كما ذكرناه في القسم الأول.
فإن قيل: إن استقام في القسم الأول ما ذكرتموه، فقولكم تمّ القضاء، ولم تبق منه عُلقة، فهذا المعنى لا يتحقق إذا فَوَّض القضاء؟
قلنا: ما فعله إن كان حكماً، فيجب على حكام الأرض متابعتُه على وفق الشرع،