للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إذا كان المطلوب الماليةَ كما ذكرناه، فالاعتماد قطعاً على القيمة، والأوصاف إنما [يذكرها] (١) المدعي وشهوده لترتبط الدعوى بالقيمة، فلو قال: غصب مني ثوباًً قيمته عشرة، وليس يبغي الوصول إلى عينه، فالظاهر قبول الدعوى على هذا الوجه، فإن قيل: دعوى مجهولة بمجهول؟ قلنا: لا، بل المدَّعَى القيمة -فهي العماد- وهي معلومة، ويترتب عند ذلك القول في القيمة.

أما العقار، فلا خلاف أنه لا يشترط فيه التعرض للقيمة؛ فإن المطلوب فيه العينُ، والوصول إلى التعيين ودركِ اليقين ممكن، وحيث لا مطمع في التعيين والتمييز، فالمعتمد القيمة، وإذا أثبتنا في العبد وما في معناه إمكانَ التمييز، وعوّلنا على الوصف، طمعاً في الوصول إلى العين، ففي ذكر القيمة وصفاً وإعلاماً خلاف، والأظهر عندنا أنه لا يشترط.

ثم ما ذكرناه في العبد والأمة لا يختص بهما، بل كل ما تعذّر تميّزه بالوصف، فالتفصيل المذكور في العبد جارٍ فيه، كما لو ادعى فرساً، فإن تمييزه بالأوصاف الكلية، ثم بالشِّيات الخفية مما يُطمع فيه، وهو أبعد قليلاً من العبد، لأن التشابه في البهائم أغلب منه في الآدمي.

فإذاً الأعيان الغائبة عقار، ولا خلاف في القضاء به، وعينٌ [لا يطمع] (٢) في تميزها، والدعوى فيها ترجع إلى المالية، ومنقولات يطمع في تميزها بالوصف، وفيها الخبط وازدحام الخلاف، ثم إن رأينا التمييز متعذراً في هذا القسم، رددناه إلى المالية المذكورة في القسم الذي لا تميّز فيه.

وقد انتجز الكلام في الدعوى على الغائب.

وكنا ذكرنا في صدر الباب أن الكلام يقع في القضاء على الغائب وسماعِ البيّنة عليه وفي الحاضر. وقد انتجزت مجامع الكلام وأصوله في حق الغائب.


(١) في الأصل: " نذكره ".
(٢) ما بين المعقفين ذهبت به آفة البلل من أطراف السطور. وأثبتناه من عندنا على ضوء السياق.
والله أعلم. والحمد لله فقد صدقتنا نسخة (ق).