للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١٩٥٣ - ونحن نذكر الآن الدعوى على الحاضر على مقدار غرضنا، ولسنا نلتزم بيان جميعِ أحكام الدعوى على الحاضر؛ فإنا لو التزمنا ذلك، لذكرنا كتاب الدعاوي.

وقد يلزمنا الآن شيئان: أحدهما - الكلام في حاضر في البلد غائبٍ عن مجلس القضاء، والآخر - بيان القول فيه إذا كان المدعى عليه حاضراً مجلس القضاء، ولكن المدعى عينٌ غائبة عن مجلس القضاء.

فأما التفصيل في القضاء على الغائب عن مجلس القضاء مع الحضور في البلدة -فقد قال الأصحاب إن غيّب وجهه وتوارى، أو تعزز وامتنع، وعسُر إحضاره، نفذ القضاء عليه حَسَب نفوذه على الغائب، وهذا يجب أن يكون متفقاً عليه.

فأمّا إذا لم يتعذر إحضاره، فهل يجوز سماع الدعوى عليه قبل حضوره، ثم سماع البينة؟ فعلى وجهين مشهورين ذكرهما الصيدلاني وغيره: أحدهما - أنه لا يجوز، ويتعين إحضاره وإقامةُ الشهادة في وجهه إن أمكن؛ فإنا وإن كنا لا نرى الإنكار عماداً وركناً في سماع البينة، فالغرض من الإحضار توقع الإقرار، وحقٌّ على القاضي أن يسلك أقرب الطرق وأَقْصدَها في فصل القضاء، والسبب فيه أنه لو طوّل، فقد يكون مؤخِّراً حقَّ مستحقٍّ مع القدرة على تعجيله، وهذا لا سبيل إليه.

ثم هذا القائل يرد سماع البينة والدعوى؛ فإن كل ما يتعلق بعكس الترتيب المستحق في الخصومات آنذاك يُخرج البينة عن أن تكون مسموعة.

والوجه الثاني - أن الدعوى مسموعة، والبينة مسموعة؛ فإن المدعى عليه إذا تعين وتميز، كفى، والبينة بيان، والمدعى عليه بيْن أن يقرّ أو ينكر حضر أو غاب.

التفريع:

١١٩٥٤ - إن رددنا الدعوى والبينة، فليس إلا الإعداءُ على الخصم عند [السلطان] (١) وإحضارُه مجلسَ الحكم، ثم الخصومة تقام في وجهه.

وإن حكمنا بسماع البينة مع القدرة على الإحضار، فالمذهب الذي يجب القطع به


(١) مكان كلمة مطموسة في الأصل، والمثبت على ضوء السياق، والاستئناس بعبارة الرافعي في الشرح الكبير: ١٢/ ٥١٣.