للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن القضاء عليه لا يجوز؛ فإنه قد يعرف مطعناً في البينة يمنع به نفوذَ القضاء وهو حاضر، فالهجوم على تنفيذ القضاء محال؛ فإن القضاء يقع وراء كل احتياط ممكن، وليس هذا كالقضاء على الغائب؛ فإن حضوره غيرُ حاصل، ومراجعته في مطعن إن كان يعرفه غيرُ ممكنة، والحاجة ماسة، فنفذ القضاء، والمقضي عليه على حقه في التتبع إذا وجد مطعناً. هذا ما قطع به الصيدلاني، وهو الحق عندنا.

ومن أصحابنا من جوّز القضاء على الحاضر الغائب عن مجلس الحكم؛ طرداً لقياس ظاهر في أن من تُسمع البينة عليه يجوز القضاء عليه، وهذا غفلة عن مسالك القضاء.

ولو أحضر المدعي خصمَه مجلسَ الحكم، فهل يجوز سماع البينة عليه من غير مراجعته؟ فيه وجهان مشهوران ذكرهما الصيدلاني وغيره. ثم قال الأئمة: هذه الصورة أولى بامتناع سماع البينة، والفرق لائح.

قال الصيدلاني: في هذه المسألة والتي تقدمت -وهي إذا كان في البلد، [ولم] (١) يحضر مجلس القضاء مع القدرة على إحضاره- ثلاثةُ أوجه:

أحدها - أن البينة لا تسمع ما لم يراجع الخصم؛ فإن أقر، فذاك، وإن أنكر أو سكت، قامت البينة عليه.

والوجه الثاني - أن البينةَ مسموعة من غير مراجعة في المسألتين.

والوجه الثالث - أنا نفصل بين الصورتين، كما أشرنا إليه.

ثم يبعد كل البعد إذا جوّزنا سماع البينة على الحاضر من غير مراجعته، أن يقضي عليه من حيث لا يشعر.

هذا غرضنا في الحضور والغيبة في المدعَى عليه.

١١٩٥٥ - فأما القول في المدعى، فإن كان شيئاً في الذمة، فلا يخفى إعلامه، وإن كان يدعي على خصمه عيناً غصباً، أو وديعة، أو عارية، فهذا ينقسم إلى العقار وغيره، على حسب ما ذكرناه في أقسام الكلام في الغائب.


(١) في الأصل: "وإن".