فإن كان المدعى عقاراً، فالدعوى مسموعة، والاعتماد على الوصف والتحديد، وقد ذكرنا إمكانه، بل انتهاءه إلى اليقين، فإذا قامت بينة على دار معلومة من سكّة معلومة، فلم يبق في الإعلام شيء، ثم ينفذ القضاء بالدار من غير إشارة إليها، إذا استمكن الشهود من البيان التام، الذي لا يبقى معه لَبْس.
وإن قال شهود المدعي: لسنا نستقلّ بحدود الدار، ولكنا نشير إليها، أو إلى الأرض -إن كان المدعى أرضاً- فلا بد -والحالة هذه- من التعيين في الشهادة.
ثم إن حضر القاضي بنفسه، سمع الشهادة مع الإشارة والتعيين، وإن استخلف خليفة ليحضر البقعة، ويسمع الشهادة، جاز.
وسأفصل القول في خلفاء القضاة، ومنازلِهم، وصفاتِهم بعد هذا، إن شاء الله عز وجل.
ثم من تمام البيان في ذلك أن المدعي إن وصف العقار وحدَّه في دعواه، وامتنع الشهود من ذكر الحدود، صحت الدعوى، ثم إذا وافق تعيينُ الشهود المدعى المحدود، حصل الغرض، وإن لم يستتم المدعي ذكر الحدود، وإعلام المدعى، فدعواه مجهولة، والدعوى المجهولة لا تسمع، ولا تعطيل في هذا، فليتعرف الحدود؛ فإنّ تعرُّفَها سهلٌ إذا كان المدعى حاضراً بالقرب. هذا قولنا في العقار.
١١٩٥٦ - فأما ما عداه من الأعيان المنقولة، فهي تنقسم حسب أقسامها في الغائب، فإن ذكر عبداً حاضراً في البلد، وادعاه على الوصف، فالذي نقدمه أنا على القول البعيد في الغائب إذا جوّزنا القضاء بالعبد الغائب -وهو قول ضعيف- أو جوّزنا سماع البينة على الوصف، على قولٍ ظاهر، فإذا كان العبد حاضراً، وأمكن إحضاره، فلا يجوز سماع البينة بالوصف أصلاً، وليس كسماع البينة على الخصم الحاضر في البلد قبل أن يحضر مجلس القضاء؛ لأن سماع البينة على الشخص مرتبط بعلم وتحقق، بخلاف العبد.
وأنا أقول وراء ذلك: إنما يسمع القاضي البينة على الحاضر في البلد إذا كان يعرفه ويتعيّن له، فإن لم يكن كذلك، لم يسمع، بخلاف البينة على الغائب؛ فإن القاضي