للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسمع البينة على الغائب، [وإن] (١) كانت نهايات التسمية والتَّحْلية [لا تُعرِّفه] (٢) عنده؛ لأن المعتمد الأظهر في الغائب [تمييز] (٣) المقضي عليه في مكانه عند إيصال الكتاب، وهذا في الحاضر في البلد لا يتحقق. نعم، لو تعيّن العبد المدعى للقاضي، فيجوز سماعُ البينةِ عليه -وإن لم يكن حاضراً في مجلس القضاء- وجهاً واحداً.

والفقه فيه أن الخصم المتعيَّن إذا لم يحضر لسماع البينة، لم يمتنع لجهالة، وإنما امتنع لترك المسلك الأقرب، وهذا لا يتحقق في العبد المعين الذي يعرفه القاضي والشهود، وليس يبعد اشتراط الحضور فيه أيضاً؛ فإن الإشارة أوجز من الوصف، وأنفى للتهمة، فإذا كنا لا نسمع البينة بالوصف على عبدٍ لم يتعين للقاضي -[وغمرة] (٤) الإشكال من هذا الموضع- فإن الدعوى على الوصف [مسموعة] (٥) لا محالة؛ إذ لو لم نسمعها، ما قامت الخصومة، ثم ينبغي أن تكون معلومة على الحد الذي يتأتى الإعلام فيه، ثم يقول القاضي للخصم: ماذا تقول؟ فإن زعم أن العبد الذي ادعاه في يدي وهو مِلكي، فالقاضي يلزمه إحضاره حتى يسمع البينة على عينه إشارة إليه، فإن قيل: هذا تكليفه تصرفاً فيما هو ملكه في الظاهر. قلنا: ليكن كذلك، فليس تكليفه إحضارَ العبد بأبعدَ من تكليفه الحضور بنفسه، وقد يكون المدعي مبطلاً.

هذا إذا قال: هذا الموصوف في يدي، ولو قال: هذا الذي وصفه ما ثبتت عليه يدي، فلا يمكننا أن نكلفه إحضاراً، فعند ذلك نقول للمدعي: إن كنت تبغي العبد، فأثبت بالحجة كون هذا الموصوف في يده.

ثم للمدعي مسلكان: أحدهما - أن يقيم بينة على أن هذا العبد الموصوف رأيناه


(١) في الأصل: "فإن".
(٢) تقدير من المحقق مكان المطموس في أول السطر. والحمد لله فقد جاءت به نسخة (ق).
(٣) في الأصل: "يمين". وقد أفدنا هذه من "ق".
(٤) كذا قدرناها على ضوء أطراف الحروف التي بقيت بعد أن ذهب البلل بأطراف الورقة. ثم جاءتنا (ق) فأكدت صحة تقديرنا والحمد لله.
(٥) في الأصل: "مسموعاً".