وما ذكرناه من الخلاف فيه إذا كان كل واحد من القاضيين نافذَ الحكم على الاستقلال.
فأما إذا نَصب من إليه الأمر قاضيين على ألا ينفرد كل واحد منهما بالقضاء ما لم يوافقه الثاني، فهذا مردود؛ فلا مساغ له؛ فإن اختلاف المجتهدَيْن مطرد غالباً؛ فإذا كان لا ينفرد أحدهما بالقضاء أدّى هذا إلى توقف الخصومات وحيرةِ الخصوم، وأيضاً فإن تكليف المجتهد بعد تمام اجتهاده أن يقف أمره على رأي غيره محال لا وجه له.
قال صاحب التقريب: إذا نصب من إليه الأمر قاضيين، ولم يصرح بأن كل واحد منهما يستقل بالقضاء أو يراجع صاحبه، فمطلق التولية يقتضي انفراد كل واحد منهما بالقضاء.
ولو نصب المريض وصيّين وأطلق نصبهما، فمطلق نصبهما يقتضي ألا ينفرد واحد منهما بأمر دون صاحبه، وفرّقَ بأن قال: نَصْبُ الوصيين كذلك مع التصريح بتوافقهما جائز، فمطلق نصبهما يقتضي ارتباط أمرِ أحدهما بالثاني، ولا يجوز التصريح بنصب قاضيين على اشتراط توافقهما، فالمطلق محمول على ما يجوز، وهو الاستقلال.
ومن أصحابنا من قال: إطلاق توصية رجلين يقتضي انفراد كل واحد منهما بالأمر، وإنما يراجع أحدهما صاحبه إذا تقيدت الوصاية باشتراط ذلك، وهذا لا أصل له، ولا اعتداد به.
ومن أصحابنا من قال: نَصْبُ قاضيين في بلدة يقتضي ارتباط أمر أحدهما بالثاني، والتوليةُ على الفساد، ما لم تُقيَّد بانفراد كل واحد منهما بالأمر.
وهذا الوجه في هذا النسق أمثل مما ذكرناه في الوصاية.
فصل
١١٩٦٢ - إذا استحضر الرجلُ خصماً مجلسَ القضاء، فيجوز له أن يأبى عليه إن لم يعرف له حقاًً، فإن عرف له حقاً، فعليه توْفيتُه، ولا يلزمه حضورُ المجلس. هذا إذا كان المستحضِر [الخصمَ](١) نفسَه.