للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا استدعى الخصمُ من القاضي أن يستحضر الخصمَ له، أجابه القاضي، وأمر صاحبَه بالحضور، وإذا دعاه القاضي، وجبت عليه الإجابة، سواء كان عليه حق أو لم يكن. والقاضي يُعدي عليه [ولا يُشترط] (١) في الإعداء أن يُثبت الخصمُ حقَّه، فإنا قد نقول: إذا كان حاضراً، فلا سبيل إلى إثبات الحق قبل حضوره مجلس القضاء، فلو توقف إحضاره على ثبوت الحق، وتوقف ثبوت الحق على إحضاره، فكان ذلك دائرةً سادّةً بابَ إثبات الحقوق.

ثم إنما يُعدي القاضي على الخصم [إذا كان ذلك على] (٢) مسافة العَدْوَى، وهي أن يكون بمكان لو انطلق الرسول إليه بُكْرة، لأمكنه الذهاب والرجوع إلى منزله قبل أن يجنّ الليل، هذه مسافة العَدْوَى.

فإن كانت المسافة أبعدَ من ذلك، [فلا يخلو] (٣) إما أن يكون الخصم في موضع به قاضٍ أو لا يكون في الناحية التي هو بها قاضٍ، فإن كان [ثَمَّ] (٤) قاضٍ فيكتب إليه بما يقتضيه الحال، على ما فصّلنا القول في كتاب القاضي إلى القاضي، وإن [لم يكن ثَمَّ] (٥) قاضٍ، وكان ذلك المكان من ولاية القاضي، فالقاضي لا يُعدي عليه، ولا يستحضره أصلا من غير بيّنةٍ يقيمها الخصم؛ فإن المسافة إذا بعدت، عظم الإحضار من غير ثَبَت، وإذا أقام البينةَ، فإن أراد القضاء، قضى، وإن تعذر استيفاء الحق دون حضور الخصم، استحضره بعد قيام البينة من المسافة الزائدة على مسافة العدوى، وإن بعدت تلك المسافة، وبلغت مسافة [القصر] (٦) وكانت من ولاية القاضي؛ فإنه يُحضره ولا يبالي به.

والغرض مما ذكرناه أن القاضي يعدي في مسافة العدوى، من غير حُجة، فإذا


(١) تقدير منا مكان انمحاء بالأصل.
(٢) مكان كلمات انمحت من الأصل، والمثبت هنا وفي أمثاله تقدير منا. ونسجد لله شكراً، فقد صدقتنا (ق) في جميع ما قدرناه، فالحمد لله ملهم الصواب.
(٣) اختيار منا.
(٤) مكان بياض قدر كلمة.
(٥) تقدير من المحقق.
(٦) اختيار من المحقق مكان ما ذهب من أطراف الحروف.