للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما [يُسْتَعَفُ] (١) الطالب إذا كان لطلبه وجه في تحصيل المنفعة، ثم قد لا يُنْظَر إلى الكثير [والقليل] (٢)؛ فإن الإنسان قد يؤثر الانفراد بالقليل على الاشتراك في الكثير، فأما إذا كان الطلب يتعلق بالتعطيل، فلا إجابة.

فأما إذا جاء صاحب الكثير مطالباً، فهل يجبر صاحب العشر؟ فعلى وجهين: أحدهما - يجبر؛ لأن الطالب ينتفع إذا أجيب، وله أن لا يبالي بتعطل منفعة صاحب العشر، فإنه يقول: أُتيتَ من قلة نصيبك، وكان يتهيأ لك الانتفاع بضم نصيبي إلى نصيبك. هذا وجهٌ. والوجه الثاني - أنه لا يُجاب، لأنه يبغي تعطيل منفعة صاحبه، وليس له أن يضر بالغير، كما ليس له أن يطلب قسمة تضرّ به، هذه هي الطريقة المشهورة.

قال العراقيون والقاضي: من أصحابنا من جعل في كل واحد منهما وجهين إذا طلب القسمة. أما إجراء الوجهين في حق صاحب الكثير، فعلى ما ذكرنا، وأما إجراؤهما في حق صاحب القليل، فمن جهة أنه يقول: لي أن أُبطل حق نفسي، وأنت لا تتضرر تضرراً معتبراً فما عليك، فأجبني ولا تشفق عليّ، فإنني مطلق في حصتي.

وهذه الطريقة لا بأس بها. والأشهر الأول.

١١٩٧٣ - ثم بنى الأصحاب على الترديد الذي ذكروه أمرَ الشفعة. ففالوا: إن باع صاحب العشر نصيبه، وقلنا: لا يملك الاستقسام، فليس لصاحب التسعة الأعشار الشفعة؛ فإن المعوّل في إثبات الشفعة على توقع طلب القسمة من الدخيل الجديد، ولهذا لا تثبت الشفعة فيما لا ينقسم على القول الجديد.

ولو باع صاحب الكثير نصيبه، فهل يثبت لصاحب العُشر الشفعة؟ هذا يخرج على الوجهين في أن صاحب الكثير هل يُجبِر على القسمة؟ فإن ملكناه الإجبار، فلصاحب


(١) كذا بالأصل (بزيادة التاء) استعف، ومن معاني هذه الزيادة المبالغة في معنى الفعل، فالمعنى يُسعفُ الطالب ويجاب إذا كان لطلبه وجه.
(٢) في الأصل: "والتقليل".