للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسمة فيها، لما أشرت إليه من تفاوت الأغراض واختلاف المنافع.

١١٩٨٣ - فأما الكلام في ماهية القسمة، فنقول: أولاً: اشتهر القولان في أن القسمة بيع، أو إفراز حق: أحدهما - أنها بيع، وكأن كلَّ واحد من الشريكين باع ما كان له فيما صار إلى صاحبه، بما كان لصاحبه فيما صار إليه، وهذا التقدير لا بدّ منه؛ فإن حق كل واحد كان شائعاً في جميع المال قبل القسمة، ولا محمل لاختصاص كل شريك إلا ما ذكرناه.

والقول الثاني - هو إفراز حق، فكأن حق كل شريك لم يكن متعيناً قبل القسمة، فتعين بالقسمة، وهذا كالمال الثابت في الذمة، يتعين بالقبض، وإذا لم تكن العين المقبوضة ديناً، فلا نجعلها عوضاً عن الدين أيضاً؛ إذ لو قدرنا ذلك، لما صح قبض المسلَم فيه من جهة امتناع الاعتياض عنه، وإذا ثبت القولان مرسلين كذلك، فالمقصود تبيينُ محل القولين وتمييز صورٍ من الوفاق إن كانت.

فنقول: إن كانت القسمة قسمة إفراز، وكانت بحيث يجبر عليها، ومن ضروراتها أن لا [يكون فيها] (١) ردٌّ، كما سنصفها الآن، فالقولان جاريان في مثل هذه القسمة.

وإن أجْبرنا على قسمة النقل في الأعيان المنفصلة كالعبيد، فللأصحاب طريقان: أحدهما - القطع بأنها بيعٌ، لانفصال العين عن العين، وتمييز المشترك عن المشترك، فإذا جرى مع هذا تخصيصٌ يعتبر حمله على البيع. ومن أصحابنا من أجرى القولين واعتمد الإجبار على القسمة؛ فإن التفريع على إجراء الإجبار.

وإن قلنا: لا إجبار على هذا النوع من القسمة، فلا بد وأن يكون صَدَرُها عن التراضي، فالمذهب الذي يجب القطع به أن القسمة إذا جرت، كانت بيعاً قولاً واحداً.

وأبعد بعض الأصحاب، فأجرى القولين في ذلك أيضاً، وقال: نجريهما، ونقول في أحدهما: إفراز مشروط بالتراضي، كما أنا نقول: إن القسمة الجبرية بيعٌ جارٍ جبراً من غير تراضٍ، وإن لم نُبعد الإجبار على البيع، لم نُبعد الإفراز على التراضي.


(١) تقدير من المحقق مكان الذاهب من أطراف الأسطر.