للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن صور الفصل أن العرصة لو كانت مقسومة بين شريكين، وكانت القسمة تختلف بسبب قُرْبِ شقٍّ من الماء، وبُعْدِ الشق الآخر منه، فلا تتأتى القسمة تعويلاً على مجرد التقدير المساحي، بل لا بد من تعديل القيمة مع التفاوت في المقدار، فقد يقع النصف ثلثاً بالمساحة، والنصف الآخر ثلثين، فهل يجري القولان في هذه الصورة، أو لا يجري الإجبار فيها، والاحتياج إلى التفاوت في المقدار مع التعديل في القيمة لا يمنع الإجبار على القسمة، هكذا قال الأصحاب. ثم ترددوا في إجراء القولين، فأجراهما بعضهم، وقال قائلون: نقطع بأن القسمة تكون بيعاً؛ فإن التمييز مع اختلاف [الأقدار] (١) يبعد، فقد تنشّأ (٢) تردد الأصحاب في القدر والقولين من أصولٍ منها الإجبار واشتراط الرضا، ومنها تعدد الأصناف والاتحاد، ومنها تفاوت الأقدار لاختلاف القيم.

١١٩٨٤ - وكل ما ذكرناه فيه إذا لم يكن في القسمة رد، ومعنى الرد على الجملة أن لا يتأتى تعديل السهام إلا بأن يرد بعض الشركاء على البعض دراهم، أو ما يتواضعان عليه من عوض، وكانت السهام لا تتعدل دون ذلك، وهذا قد يتفق في الدور، ويتفق في العبيد وغيرها، فإذا كان بين رجلين عبدان قيمة أحدهما ألف وقيمة الثاني ستمائة، وإن أرادا أن يتفاصلا ويقطعا الشركة في العبدين، فلا وجه لهذا إلا أن يأخذ أحدهما العبد الذي يساوي ألفاً ويغرم لصاحبه مائتي درهم؛ حتى يعتدلا.

فإذا كانت القسمة على هذه الصورة، فالكلام في ماهيتها فرعٌ للكلام في الإجبار عليها، قال الأصحاب: لا سبيل إلى الإجبار على بذل العوض أصلاً، وهل يجري الإجبار على القدر الذي لا حاجة فيه إلى ردّ؟ فيه اختلاف قدمناه، وذلك بأن نجعل العبد المساوي ستمائة سهماً، ونجعل ستمائة من العبد المساوي ألفا سهماً، ويبقى الشيوع في مقدار أربعمائة. وقد مضى أن الإجبار على مثل هذا هل يجري أم لا؟

فإذا تمهد هذا، قلنا بعده: أطلق الأصحاب القول بأن القسمة المشتملة على الرد


(١) في الأصل: "الإفراز".
(٢) كذا. والإمام استعمل هذا الفعل أكثر من مرة بهذه الصيغة من صيغ الزيادة، ومن معانيها التدريج، كأن التردد نشأ رويداً رويداً، وشيئاً فشيئاً.