للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الثاني -وهو الأصح- أنه يجيبهم إلى القسمة، ولا حاجة إلى إثبات الملك فيما هذا سبيله، بدليل من [أدخل] (١) إنساناً داره، أو أضاف القاضي، فكل ذلك جائز، وما زال الأتقياء الأبرار يعتادون مثل هذا، يأخذون الأمر على ظاهر اليد، وإن لم تقم عندهم حجج بالأملاك، ولا نعرف خلافاً أن من باع داراً في يده، وأشهد على البيع القاضيَ، أثبت القاضي إقراره، ولم يطالبه بتثبيت ملكه قبل البيع.

وما ذكرناه من طلب القسمة فيه إذا جاءوا طالبين عن تراض منهم، فإذا جاء واحد مطالباً، وامتنع عليه [أصحابه] (٢) ففي المسألة طريقان: أحدهما - أنه يجيب في هذه الحالة لقطع الخصومة، والطريقة الثانية - طَرْدُ القولين، وليس ينقدح عندي للامتناع عن القسمة وجهٌ. نعم، يجب القطع بجواز القسمة، كما استشهدنا به في جواز دخول الدار، فأما وجوب القسمة، ولم يثبت بعدُ عند القاضي ملكٌ، فهذا فيه تردد، من جهة أن لوجوب يجوز أن يستدعي موجِباً، فأما الجواز، فيكتفي بظاهر الحال.

فصل

١١٩٩٨ - إذا تعذّرت القسمةُ في الملك المشترَك، فأقرب مسلك في الانتفاع المهايأة، فإن وقع التراضي عليها، فذاك، ثم هي مياومةٌ، أو مسانهةٌ، أو مشاهرةٌ، أو مسابعة، على ما يقع التوافق عليه، ولا إجبار على المهايأة في ظاهر المذهب.

وذهب ابنُ سريج إلى الإجبار عليها؛ فإن قسمة الرقبة إذا تعذرت، فلو لم تجب المهايأة، لتعطلت المنافع، ومعتمد أهل المذهب أن المهايأة فيها تعجيلُ حق أحد الشريكين، وتأخير حق الثاني، بخلاف قسمة (٣) الرقاب، فإن الحصص تنفصل دفعةً


(١) هكذا قدرناها على ضوء ما بقي من حرف اللام في آخر اللفظة. وعبارة الغزالي في البسيط تشهد لنا، حيث قال: " فيجوز القسمة باستدعائهم، كما يجوز للقاضي أن يدخل عليهم ضيفاً، ويأكل من طعامهم بقولهم " ا. هـ (ر. البسيط: جزء ٦/ورقة: ١١٦ ش) ثم جاءتنا (ق) موافقة لما قدرناه.
(٢) كذا قرأناها على ضوء ما بقي من ظلال الحروف. وأيدتنا (ق).
(٣) في الأصل: " قيمة " والمثبت تصرف من المحقق. وقد صدقتنا (وَ).