للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " ولا يقبل هدية ... إلى آخره " (١).

١٢٠٠٦ - المستحب للقاضي أن يسد باب قبول الهدايا جملة، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً في الصدقات يقال له: ابن اللُّتْبية، فرجع بسواد كثير، فكان يُخرج البعضَ، ويقول: هذا للمسلمين، ويُخرج البعضَ ويقول: هذا لي أُهدي إليّ، فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما بال أقوام نستعملهم على بعض ما ولاّنا الله تعالى، فيرجع الراجع بمالٍ، ويقول: هذا لي أهدي إلي، وهذا للمسلمين، هلاّ جلس في خفش أمه، ينظر هل يهدى إليه أم لا " (٢) والخفش البيت الصغير.

وقصة عمر في رِجْل الجزور معروفة (٣).

ثم قال الأصحاب: ينظر إلى المُهدي، فإن كانت له خصومة، فلا يحلّ قبول الهدية منه، وعلى هذا يحمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هدايا الأمراء سحت " (٤) فإن قبل، فالذي ذهب إليه الأكثرون أنه لا يملكه، وهذا معنى التحريم، ومن أصحابنا من قال: يملكه؛ فإن الهبة صدرت من مطلق، وكذلك القبول، والتحريم محمول على التعرض لللهمة بالأمر الظاهر، فالمِلْك بالإضافة إلى التحريم كالصلاة في الدار المغصوبة.

وهذا الخلاف يقرب من تردد الأصحاب في أن من دخل عليه وقت الصلاة في


(١) السابق نفسه.
(٢) حديث ابن اللتبية وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " ما بال أقوام نستعملهم ... " متفق عليه (البخاري: الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، ح ٦٦٣٦، مسلم: الإمارة، باب تحريم هدايا العمال، ح١٨٣٢) هذا، وفي كل ما رأيناه من روايات الحديث "بيت أمه" مكان " خفش أمه ".
(٣) قصة عمر مع الرجل الذي أهداه فخذ جزور رواها البيهقي في سننه الكبرى: ١٠/ ١٣٨.
(٤) حديث "هدايا العمال سحت" قال الحافظ في التلخيص: رواه الخطيب في تلخيص المتشابه من حديث أنس (ر. التلخيص الحبير: ٤/ ٣٤٩ ح٢٥٩٠).