ولا معنى للتطويل ومعاودة المدعي. والثاني - أنه لا يطلب الجواب ما لم يلتمس المدعي؛ فإن هذا حق المدعي، فلا يطلب دونه طلبه، ثم إذا طلب الجواب، فلا يخلو المدعى عليه أن يقرّ أو ينكر، فإن أقر، ثبت الحق إذا كان الإقرار صحيحاً، ولا حاجة بأن يقول القاضي: قضيت بإقراره - على المذهب الأصح.
وقال بعض أصحابنا: الإقرار كالبيّنة المعدَّلة، وهذا ليس بشيء؛ فإن وراء التعديل وقفات، وتوقُّع رَيْب، فلا بد من قطعها بإظهار القضاء.
وإن أنكر المدعى عليه، فالأصح أن القاضي يقول للمدعي ألك بيّنة؟ ومن أصحابنا من قال: لا يقول ذلك، فإنه من باب تلقين الحجة، وهذا ليس بشيء؛ فإن المدعي قد لا يعرف ترتيب الخصومة، ويتحيّر عن دَهَشٍ، ففي السكوت عنه إبطال حقه.
فلو قال المدعي: لا بيّنة لي حاضرة، ثم أقام بعد ذلك بيّنة، سُمعت وفاقاً. فإن قال: لا بيّنة لي، لا غائبة، ولا حاضرة، ثم أقام بينة، فهل تسمع منه؟ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - لا تسمع، تمسكاً بقوله، والثاني - أنها تسمع؛ فإنه قد لا يعلم أن له بينة، ولو قال: لا بيّنة لي، فهو كما لو قال: لا بينة لي حاضرة، ولا غائبة، مع تخيل ترتيب. ولو سكت المدعى عليه- فإن كان عن عيٍّ وحصر، روجع، وإن أصر، كان ذلك كالإنكار، وسيعود هذا في كتاب الدعوى إن شاء الله.
١٢٠٠٥ - ثم قال الشافعي:" ولا ينبغي أن يُضيّفَ الخصم ... إلى آخره "(١).
قرىء يُضيف بضم الياء، وقرىء يَضيف بفتحها، ومعناه لا ينزل على الخصم ضيفاً، وقد ذكرنا هذا في الولائم، وبالجملة يجتنب من هذا ما يجر تهمة، أو يظهر ميلاً إلى خصم.