للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوجه الثاني - أنه يرفع المسلم على الذمي؛ فإنه لو سوّى بينهما، كان ذلك نوعَ مهانة واستذلال، وروي أن علياً كانت له خصومة مع ذمِّي، فرفعه إلى شريح، فلما دخل عليه، قام له شريح، فقال رضي الله عنه: " هذا أول جَوْرك "، ثم أسند عليٌّ ظهره إلى الجدار، وقال: " أما أن خصمي لو كان مسلماً، لجلست بجنبه " (١).

ويسوّي القاضي بينهما في النظر، فلا يخصص أحدهما بالنظر، بل يُطرق، ولا ينظر، أو ينظر إليهما، ولا يتبسم في وجه واحد، ويتعبّس في وجه الآخر، ويجتنب على الجملة ما يشعر بتخصيصه أحدَ الخصمين بمكرمة، أو إقبال.

١٢٠٠٤ - ثم إذا جلسا إليه، فلا بأس أن يقول: من الطالب منكما، أو من المدعي؟ فإذا ادعى المدعي، وصحّت دعواه، على ما سيأتي تصحيحُ الدعوى في كتابها، إن شاء الله، ثم هل يطلب الجواب من الخصم من غير أن يطلبه المدعي؟ فيه وجهان: أصحهما - أنه يطلب؛ فإن قرينة الحال قاطعة بأن المدعي مطالِب بالجواب،


= الحديث بهذا اللفظ في مخاطبة الإمام علي رضي الله عنه لم نصل إليه، وإنما وجدناه في ذلك قوله رضي الله عنه " نهى النبي أن نضيف الخصم إلا وخصمه معه " رواه عبد الرزاق في مصنفه (١٥٢٩١) وإسحاق بن راهويه في مسنده (إتحاف الخيرة المهرة: ٦٧٣٠) والطبراني في الأوسط (٣٩٣٤) والبيهقي في الكبرى (١٠/ ١٣٧). أما اللفظ الذي ذكره الإمام فقد ورد في كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري المشهور، وفيه "وآس بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك" رواه الدارقطني (٤/ ٢٠٦، ٢٠٧) والبيهقي (١٠/ ١٣٥) وفي المعرفة (٧/ ٣٦٦ رقم ٥٨٧٣). وفي حديث أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليسوِّ بينهم في النظر والمجلس والإشارة" وفي رواية " فليعدل في لحظه وإشارته ومقعده " رواه الدارقطني ٤/ ٢٠٥، وأبو يعلى (٥٨٦٧) و (٦٩٢٤) والطبراني في الكبير (٢٣/ ٢٨٤).
(١) أثر علي من وجه آخر وفيه عمر بن شمر عن جابر الجعفي وهما ضعيفان، وقال ابن الصلاح في مشكل الوسيط: لم أجد له إسناداً يثبت. ا. هـ ملخصاً من التلخيص الحبير (ر. البيهقي: ١٠/ ١٣٦، التلخيص: ٤/ ٣٥٥ ح٢٦١٠، مشكل الوسيط لابن الصلاح، بهامش الوسيط (٧/ ٣١٣).ي رضي الله عنه رواه أبو أحمد الحاكم في الكنى في ترجمة أبي سمير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي وقال: منكر، وأورده ابن الجوزي في العلل من هذا الوجه وقال: لا يصح، ورواه البيهق