ذكرناه؛ فإنا لا نورد -إن شاء الله- في هذا المجموع إلا ما نتثبت فيه، ونرتبه على نَخْل كلام الأصحاب، وحذف المجازات.
١٢٠٠٢ - فإذا انتجز نظره في ذلك تأمل أحوال الأمناء المنصوبين من جهة القاضي المصروف؛ ونظر فيهم، وفيما في أيديهم، فإن أمكنه في أثناء ذلك أن يفصل خصومة جديدة -من غير أن يتطرق إلى نظره فيما ذكرناه خللٌ- فليفعل، وإلا فالبداية بأحوال المحبوسين، وبعدها بأموال الأطقال في أيدي القُوّام والأوصياء الذين صدَرُهم عن القاضي. وإن استخلف حيث يجوز الاستخلاف في فصل الخصومات الجديدة وتعاطى بنفسه ما ذكرناه من المُهمَّيْن فجائز.
١٢٠٠٣ - ثم اندفع الشافعي في بيان كيفية إدخال الخصمين ورعاية الإنصاف بينهما، فنقول: لا يأذن لأحدهما دون الآخر؛ فإن ذلك يكسر قلب المحجوب، ويُغَلِّب على ظنه الميلَ إلى خصمه، وإذا دخلا عليه، وسلّما، ردّ جواب سلاميهما، وإن سلّم أحدهما، فقد أفرط بعض الأصحاب، وقال: لا يردّ جوابه، بل يسكت؛ بناء على أنه وضع السلام في غير موضعه؛ فإن القاضي في شغل شاغل، ولا ينبغي أن يُسلَّم عليه وهو كذلك.
هذا وجه.
وإن أراد قال لخصمه: سلّم، ثم يرد جواب سلاميهما، وهذا عندي سرفٌ، وإن ذكره القاضي، فإنَّ رد جواب السلام محمولٌ على ابتداء أحدهما بالسلام، وهذا مما لا يخفى ولا يُظهر ميلاً.
ثم يسوّي بينهما في المجلس ولا يرفع أحدَهما على الثاني، وإن كانا متفاضلين إذا كانا مسلمين، أو ذميين، فإن كان أحدهما مسلماً والآخر ذمياً، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن يسوّي بينهما لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يا علي سوّ بين الخصمين في مجلسك ولَحْظك " ويروى " آس بين الخصمين "(١). هذا أحد الوجهين.
(١) حديث " يا علي سوَّ بين الخصمين في مجلسك ولحظك " ويروى " آس بين الخصمين ".=