للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العراق اجتمع إليه العلماء كأبي ثور والحسين الكرابيسي (١) وغيرهما، وسألوه عن الجمع بين الأخبار في منتهى رفع اليدين؛ إذ روي أنه رفعهما حذو منكبيه، وروي أنه رفع يديه حذو شحمة أذنيه، وروي أنه رفعهما حذو أذنيه (٢). فقال الشافعي: إني أرى أن يرفع يديه بحيث يحاذي أطراف أصابعه أذنيه، ويحاذي إبهاماه شحمة أذنيه، وتحاذي ظهور كفه منكبيه، فاستحسن العلماء ذلك منه.

وقد تحقق أن الذي رآه أبو حنيفة من محاذاة الأذنين [إنما عنى بها محاذاة الأصابع الأذنين] (٣)، فعلى هذا يرتفع الخلاف (٤)، وقد تحققت أن من أئمتنا من يحمل مذهب الشافعي على محاذاة المنكب باليد، بحيث لا تجاوز الأصابع طرف المنكب.

ْفيخرج من ذلك، ومما حُكي من جمعه بين أخبار الرفع قولان: أشار إليهما الصيدلاني، أحدهما - مذهب الجمع كما تفصّل.

ْوالثاني - محاذاة أطراف الأصابع طرف المَنكِب، والتعويل في ذلك على رواية أبي حُمَيْد الساعدي، ومقتضاها محاذاةُ المَنكِب، لا محاذاةُ الأذن والمَنكِب، وهي أصح الروايات.

وهذا بيان صفة اليدين، وذكر منتهى رفعهما.


= في رفع اليدين في الصلاة). (ر. أبو داود: كتاب الصلاة، باب افتتاح الصلاة، ح ٧٣٠،
والترمذي: أبواب الصلاة، ح ٣٠٤، والنسائي: كتاب السهو، باب رفع اليدين في القيام إلى
الركعتين الأخيرتين، ح ١١٨٢، وصحيح النسائي للألباني: ١/ ٢٥٥ ح ١١٣٠، وابن حبان:
٥/ ١٧٨ ح ١٨٦٥ بتحقيق شعيب الأرناؤوط، والتلخيص: ١/ ٢١٩ رقم ٣٢٨).
(١) الحسين الكرابيسي أبو علي الحسين بن علي الكرابيسي البغدادي صاحب الشافعي، وأحد رواة مذهبه القديم، وأخذ عنه الفقه خلق كثير. توفي ٢٤٥، وقيل ٢٤٨ هـ. (ر. تهذيب الأسماء: ٢/ ٢٨٤، وطبقات السبكي: ٢/ ١١٧، وتاريخ بغداد: ٨/ ٦٤، وتهذيب التهذيب: ٢/ ٥٩، وشذرات الذهب: ٢/ ٣٥٠، وطبقات الشيرازي: ٩٢ - ١٠١).
(٢) انظر هذه الروايات في تلخيص الحبير: ١/ ٢١٨ ح ٣٢٨. وأيضاً نيل الأوطار: ٢/ ١٨٨ وما بعدها، وكذلك نصب الراية: ١/ ٣١٠.
(٣) ساقط من الأصل، ومن (ط).
(٤) ومع ذلك عدها إمام الحرمين وعالجها في (الدرّة المضيّة) مسألة رقم: ٦٢.