للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من لم ير الترتيب، لأن العلم لا ترتب فيه. وإنما تترتب الظنون على حسب ترتب درجات المظنون. وهذا وإن كان متجهاً، فالطريقة المشهورة الترتيب.

١٢٠١٥ - ومن تمام القول في ذلك أن القاضي إذا سمع إقرار إنسان سرّاً، ثم إنه أبدى الإنكار جهراً، فهذا من صور القضاء بالعلم، ولو أقر في مجلس القضاء على رؤوس الأشهاد، فلا شك أنه يقضى بالإقرار، قولاً واحداً؛ فإن الإقرار في مجلس القضاء حجةٌ ظاهرة.

وذكر بعض أصحابنا أن الإقرار الذي سمعه سراً يقضى به قولاً واحداً؛ لأنه حجة، وجملةُ مجالس القاضي بمثابة [مجلسه] (١) الذي يتصدى فيه للقضاء. وهذا بعيد، فالوجه التفصيل، فإنا إذا منعنا من القضاء بالعلم، فسببه توقِّي اللهم، وهذا يتحقق في الإقرار الجاري سراً.

ومن تمام البيان في ذلك أنا إذا منعنا القضاء بالعلم، فهل يصير علم القاضي مع شاهد واحد بمثابة شاهد ينضم إلى شاهد؟ فعلى وجهين ذكرهما القاضي وغيره: أحدهما - أنه لا ينحط علمه عن شاهد.

والثاني - وهو القياس- أنه لا أثر لعلمه، ولا اعتداد بعلمه؛ إذ لو اعتددنا به، لاقتصرنا عليه، وأيضاً؛ فإن اللهمة هي المجتنبة، وهي تظهر عند القضاء بالشاهد الواحد.

فصل

في التحكيم

١٢٠١٦ - إذا حكّم رجلان رجلاً، فهل ينفذ حكمُه بينهما في الأموال؟ فيه قولان، والنكاح مرتب عليه؛ وهو أولى بألا يجوز، والعقوبات مرتبة على النكاح؛ ولا يخفى وجه ترتيبه.

واختلف الأصحاب في محل القولين: فمنهم من قال: إذا كان في البلد قاض، لم


(١) في الأصل: "مجلس".