للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجز التحكيم قولاً واحداً، وإن لم يكن، ففي المسألة قولان. وقال آخرون: إن لم يكن في البلد قاض، جاز التحكيم قولاً واحداً، وإن كان في البلد قاض، ففي المسألة قولان. ومن أصحابنا من طرد القولين في الموضعين.

والكلام في حقيقة هذا الفصل قد يتصل طرف منه بما لا يسوغ الخوض فيه، وهو إذا شغر الزمان عن إمام، فكيف الوجه في الأحكام المتعلقة بالولاة؟ ولا يليق ذكر ذلك بفن الفقه. وقد استقصينا ما فيه مَقْنع في الكتاب المترجم (بالغياثي) (١).

١٢٠١٧ - ثم يُشترط أن يكون المحكَّم ممن تقبل فتواه، ويضم إلى ذلك اشتراط حريته وذكورته، والقول الوجيز فيه أنا نشنرط أن يكون [بحيث] (٢) يسوغ من صاحب الأمر أن ينصبه قاضياً.

ثم لا بد في تحكيمه من رضا الخصمين، ونزولهما جميعاً على حكمه، فلو تعلّق [الحكم] (٣) بثالث لم يصدر منه الرضا والتحكيم، فحكم المحكّم لا ينفذ عليه، ثم إذا رضي الخصماًن بحكمه ابتداء، فأنشأه، فهل نشترط استفتاح رضىً بعد الحكم؟ فعلى وجهين ذكرهما العراقيون: أحدهما - أنه لا بد من ذلك، وبه يحصل الالتزام التام، ولو رضيا، ثم رجع أحدهما قبل أن يتم حكمه، لم ينفذ حكمه وفاقاً، وإنما الخلاف فيه إذا استمرا على الرضا حتى حكم، ولم يجددا رضاً. هذا هو المذهب.

ومن أصحابنا من قال: إذا رضيا أولاً، ثم لما خاض، رجع أحدهما، لم يؤثِّر رجوعُه، ونفذ الحكم، وهذا بعيد. ولو رضيا، ثم رجع أحدهما قبل أن ينشىء الخوضَ، فلا وجه إلا إبطالُ الحكم، وفيه شيء، ولا تخفى المراتب الثلاث التي أشرنا إليها، فليرتب الناظر البعض منها على البعض.

١٢٠١٨ - ولو تحاكم رجلان في دعوى قتل خطأ، فأقام المدعي بينة على دعواه،


(١) راجع كلام الإمام حيث يشير، فإنه كلام نفيس معجب، تجده في الفقرات من ٥٥١ إلى ٥٦٣ من (الغياثي) وكان من فضل الله علينا أن أعاننا على تحقيقه وإخراجه في صورة بهيّة نالت إعجاب شيوخنا وأساتذتنا، فالحمد لله أولاً وآخراً.
(٢) زيادة اقتضاها السياق. ثم وجدناها في (ق).
(٣) في الأصل: " الحاكم ".