ومن أصحابنا من قال: يَحِلّ، وهؤلاء هم الذين يزعمون أن حكم الحاكم يغيّر أحكام الباطن في المجتهدات، ويعيِّن المصيبَ، فإن قلنا بمذهب الفقهاء، فالإقدام على الدعوى مشكل استحلالاً؛ فإن الحقَّ إن كان يثبت عند القضاء، فما الذي يسوّغ الإقدام على الدعوى، وهذا فيه تردد غائص: يجوز أن يقال: لا يحل الإقدام على الدعوى، وإن اتفق وأفضى القضاء إلى تحصيل [المقصود](١)، فيثبت الملك، ويجوز أن يقال: الشافعي إنما ينفي التوريث بالرحم إذا لم يكن قضاء، فإذا علم المدعي علماً ظاهراً أن القاضي يورث بالرحم، فالدعوى تسوغ؛ فإنها تشوفٌ إلى سبب التملك. والأستاذ كما لم يملِّك الشافعيَّ ما لا يعتقده والقاضي على مذهبه، هل يمنع المدعي عن الدعوى إذا كان دعواه تخالف مذهب القاضي، هذا محتمل متردد، والظاهر المأثور من سِيَر القضاة أنهم لا يتعرّضون لمذاهب الخصوم، والعلم عند الله.
ثم عقد الشافعي باباً في شهادة النساء، وغرضه الرد على أبي حنيفة رضي الله عنه في مسألة القابلة. وقد مضى في ذلك ما أردناه.