للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذي اليد المتصرف؛ إذ ذاك تسوغ الشهادة على الملك له. هذا كلامه، وقال بحسبه: اعتماد الشهادة في الملك المطلق على التسامع مجازٌ ممن أطلقه، فإنما المعني به أن ينضم إليه اليد، والتصرف، واليدُ والتصرف لا يفيدان تحمل الشهادة، حتى ينضم إليهما التسامع بالملك.

والذي ذهب إليه جماهير الأصحاب أن اليد إذا دامت، وانضم إليها تصرفُ الملاك، فيجوز اعتمادهما في تحمل الشهادة على الملك، وهذا -إلى أن نفصّله، ونذكر غوائلَه- مذهبٌ مشهور لا ينكره محصل.

ووجهه أن الظن يغلِب باليد والتصرفِ، وقد يكون الرجل خاملَ الذكر لا يُشهر ما ينسب إليه، ويكون ما تحت يده مما يقلّ قدره، فيقع الاكتفاء باليد والتصرف، وحقُّ هذا أن يُلحق بقرينهِ ممّا لا يمكن الوصولُ إلى اليقين فيه. وأقرب ما يضاهيه الإعسار، ثم [لمن يحيط] (١) بباطن حال الإنسان أن يشهد بإعساره، وإن لم يستَفِض في الناس ذلك، تعويلاً على مخايلَ وأمورٍ لا يَخفى دَرْكُها، وإن كنا نجوّز مع ظهورها أن يكون الرجل مُكاتماً مُظهراً من نفسه ما يعلم الله منه خلافَه، ولكن تحمل الشهادة يعتمد مع ذلك ما أشرنا إليه.

وكان شيخي يقول: اليد والتصرف يدلان على الملك مذهباً واحداً، واليد الدائمة بمجردها هل تدل على الملك؟ فعلى قولين، وأجرى هذا وغيرُه من الأصحاب في مسائلَ، ولست آمن صَدَرَ هذا من غير تثبت؛ فإني لم أر أحداً من الأصحاب غيرَ الإمام يذكر هذين القولين في اليد المجردة في كتاب الدعاوي والبينات، وإن أطلقوا القولين في اليد المجردة في سائر الكتب، فهو في الكلام المعترض الذي لا يقصد تفصيله، وقد بحثت عن كلام الأئمة وُسْعةَ جهدي، فلم أر أحداً منهم يعوّل على اليد المجردة، وإنما ذكروا اليدَ والتصرفَ معها لما أرادوا تفصيل الكلام في ذلك قصداً إليه. نعم، اليد المجردة تُقَوِّي في المخاصمة، [جَنْبة] (٢) صاحب اليد، حتى


(١) في الأصل: " لم يحط ".
(٢) في الأصل: " حيث ". وكنا قدرناها (جانب) ثم جاءت (ق) وفيها (جَنْبة)، وكذلك استعملها الإمام فيما يستقبل من الكلام، وهي بمعنى (جانب).