للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى يقين، وإن تناهى المصوّر في التصوير، فلا انتهاء إلى العلم والمعرفة، ووضوح هذا يغني عن كشفه؛ فإن الأسباب التي تُحَسّ وتُعلم عن حسٍّ، كالشراء، والاتهاب لا تفيد العلم بالملك، فإن ملك المشتري مبني على ثبوت ملك البائع، ثم القول فيه كالقول في المشتري منه، وهكذا الكلام فيما يستفاد بالوراثة. ومن اصطاد صيداً، لم يأمن أنه كان مملوكاً، فأفلت من مالكه.

وكما يُفرض هذا في الملك، فالانتساب إلى الآباء بهذه المثابة؛ فإنه لا مطمع في درك عِيانٍ فيه، ولا يتحقق العلم فيما لا يتصور فيه -عند تحمل الشهادة عليه- عيانٌ.

ومما يتصل بذلك الإعسار؛ فإنه لا مُطَّلَع عليه، ولو لم يكن إلى إثباته طريق، لَتَحكَّم الحبسُ على المعسر من غير دَرْك منتهى.

١٢٠٤٥ - فإذا وضح هذا، تعيّن تقديم الكلام في الملك المطلق، فننقل قولَ الأصحاب فيه أولاً:

قال القاضي: لا تجوز الشهادة لإنسان بالملك بناء على مجرد يده، وإن دامت له؛ فإن الأيدي تنقسم، وتقع على أنحاءٍ وجهاتٍ مختلفة، فإن انضم إلى اليد تصرفُ ذي اليد، والمعنيُّ به تصرفُ الملاك، كالنقض والبناء، والرهن، والبيع، والفسخ بعده، فهذا هو المعنيُّ بتصرفات الملاك، حتى تردد بعض الأصحاب في أنه لو كان لا يعهد منه إلا الإجارة، فهل يقع الاكتفاء بهذا؟ فمنهم من قال: لا يقع الاكتفاء بها؛ فإن المكتري يُكري، فقد يكون مكترياً، وكذلك القول في الموصَى له بالمنفعة.

وقال قائلون: إذا جرت منه الإجارة مرة واحدة، فالأمر كذلك، وأما إذا تكرر منه، وبان من مخايله تصرفُ الملاك فيه، فهذا كافٍ في الفن الذي [نعنيه] (١)، فإذا انضم تصرفُ الملاك -على ما وصفناه- إلى اليد، فقد قال القاضي: لا تجوز الشهادة على الملك، وإن اجتمعا حتى ينضمَّ إليهما تفاوض الناس بنسبة ذلك الشيء إلى ملك


(١) في الأصل: نعيّنه (بهذا الرسم والضبط).