ويعتمد النسبَ في غيبته، وإذا عرفه باسمه أحمد، وربما كان يثبته بذلك، فلا يشهد عليه باسمه واسم أبيه؛ فإنه لا يثبت عنده في انتسابه إلى أبيه، ويخرج منه أنه إذا كان لا يعرفه إلا باسمه، فقد لا تنفع الشهادة في غيبته، وإذا عرفه باسمه واسم أبيه: أحمد بن عبد الله، لم يشهد عليه باسمه واسم أبيه وجده؛ فإنه لا يثبت عنده في اسم
الجد.
قال القاضي: ورد كتاب من القاضي إلى الققال رحمه الله ليزوّج فلانة من خاطبها أحمدَ بنِ عبد الله، فكان ذلك الإنسان من جيران الشيخ، فقال رحمه الله: أنا لا أعرفك بأحمدَ بنِ عبد الله، وإنما أعرفك باسمك: أحمد، ولم يزوّج.
فلو قال قائل: هل يجوز في مثل هذه الواقعة أن يسمع المكتوب إليه بينةً على أنه أحمدُ بنُ عبدِ الله؟ قلنا: لا؛ لأن الحاكم لم يفوّض إليه سماعَ البينة على النسب، ولو فوض إليه سماعَ البينة، فلا يسمع هكذا؛ فإن البينات على الأنساب لا يسمعها القضاة إلا في دعوى تتعلق بالنسب.
١٢٠٥٣ - ومما يجب الاهتمام به الإحاطة بتحمل الشهادة على النساء، فلا يحل تحمل الشهادة على متنقِّبة، وقد جرت عادات بني الزمان بما نصفه في ذلك، ثم نوضح بطلانه.
فمن عادة المتحملين أن يعتمدوا تعريف شاهد أو شاهدين يقولان: هذه فلانةُ بنتُ فلان، حتى يقعَ التعريفُ، والمتحملُ يتحمل، ثم يؤدي الشهادة جازمةً أن فلانةَ بنتَ فلان أقرت لفلان بكذا، وهذا لا مساغ له على قاعدة المذهب. فإذا كان المتحمل لا يعرف عينها، فكيف يشير إليها عند إقامة الشهادة، ولقد كانت متنقبة عند التحمل،
وتعذَّرَ اعتمادُ النسب على ما ذكرناه.
قال القاضي: أقرت امرأة بمالٍ في مجلسي، فطلب المقر له أن أسجل على إقرارها، وزعمت المقرة أنها بنتُ فلانِ بنِ فلان، وما كنتُ عرفتها بنسبها، فلم يسغ أن أقبل قولها في نسبها (١)، ولا أن أسمع بينةً على نسبها، من غير سبق الدعوى،