للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٠٦٢ - وأما كِتْبةُ الوثيقة، هل هي من فروض الكفايات كتحمل الشهادة؟ فعلى وجهين. وتوجيههما يقرب من توجيه الوجهين في التحمل؛ فإن الحاجات ماسَّة إلى تقييد الحُجج بالصكوك، ولا يخفى غَناؤها الظاهر في التذكير، وإن لم يكن عليها معوّل عند فرض النسيان.

وهذا الاختلاف مأخوذ من اختلاف المفسرين في قوله تعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢]، قيل: هو محمول على فعل المجهول، وهو الذي يسمى: " فعل ما لم يسمّ فاعله "، فالمعنيُّ به -على هذا- لا يلحق ضرر بالكاتب، فعلى هذا لا يجب الكِتبة. ومنهم من قال: أراد أن الكاتب والشاهد لا يفعلان ما فيه ضرر ملتحق بالناس، فعلى هذا يجب الكِتبة فرضاً على الكفاية.

ثم قال الأئمة: للكاتب طلبُ الأجرة، وإن قلنا: الكِتْبة فرض على الكفاية.

وتحمل الشهادة ليس مما يستغرق به منفعةٌ متقومة، ولكن لو كلف المشي إلى موضع، فقد ألحقه الأصحاب بالكِتْبة، ثم حيث أوجبنا تحمل الشهادة لا نوجب (١) على المتحمل أن يمشي إلى موضع، فيتحملَ الشهادة به إلا أن يكون المُشهِدُ مريضاً لا يقدر على أن يأتي الشاهدَ ويشهده؛ فإذ ذاك يجبُ إذا لم تمس الحاجة إلى قطع مسافة، فإن مست الحاجة إليه فتفصيل القول في المسافات كتفصيل القول في الإقامة (٢)، إلا أن التحمل فرض كفاية، والإقامة فرضُ عين، وهذا فيه إذا لم يجد المريض من يتحمل، ومكانه قريب من مكانه.

...


(١) ضبطت في الأصل: يُوجَب.
(٢) المراد إقامة الشهادة.