للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٠٥٩ - ولو كان الشاهد المتحمل على مسادة القصر، لم يلزمه الحضور، والشهادةُ على الشهادة أثبتت لمثل ذلك. وإن كان على مسافة فوق المعروفة بمسافة العدوى، ودون مسافة القصر، ففي المسألة وجهان أجرينا مثلهما في الاستعداء على الخصم وسنجريهما في قبول شهادة الفروع عند غيبة الأصول.

وقد نجز الغرض في هذا الطرف، ولم يبق إلا أنه لو أشهد شاهدين، فمات أحدُهما، فله أن يكلف الثانيَ إقامةَ الشهادة إذا كان الحلف مع الشاهد ممكناًً، وإن لم يكن ذلك ممكناً، فقد يجب إذا أمكنه إشهادَ شاهدٍ ثانٍ، ثم تكليفه الإقامة، وإن لم يكن في شهاته فائدة، فلا معنى لشهاته.

١٢٠٦٠ - فأما القول في التحمل، فنقول: ما لا يصح دون الشهادة عليه، فإذا فرض الدعاء إلى تحمل الشهادة، فالقيام به من فروض الكفايات، حتى إذا امتنع الناس عن التحمل عمّهم الحرج، كما يعمهم في تعطيل كل فرض من فروض الكفايات، وهذا كالنكاح والإشهاد عليه.

ولو عيّن من يريد الإشهاد رجلين، وفي غيرهما مَقْنع، فلا يَحْرَجان بالامتناع، وليس هذا كما لو امتنع من المتحملين شاهدان؛ حيث لا يتعطل الحق بامتناعهما، فإنا ذكرنا وجهين ثَمَّ، والفرق أن التحمل مسلك في الالتزام، كما قدمناه، وهذا لا يتحقق في ابتداء التحمل.

هذا إذا كان الإشهاد على ما لا يصح دون الإشهاد، وفي تعطيله ضِرارٌ عظيم.

١٢٠٦١ - فأما الإشهاد على عقود الأموال، فهل نقول: تحمُّل الشهادة فيها من فروض الكفايات؟ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - أنه ليس من فروض الكفايات؛ فإن أصل الإشهاد ليس يجب. والثاني - أنه من الفروض فإن الحاجات ماسة إلى تأكيد أسباب الملك بالشهادات.

ثم للوجهين مستند من اختلاف المفسرين في قوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢]، قيل: أراد أن لا يأبى من تحمل الشهادة عن الأداء، وقيل: أراد الإباء عن التحمل، فنَهى عنه.