[٥٦ - أحداث أفغانستان والتلاعب بآيات القرآن الكريم]
يقول السائل: ما قولكم فيمن يربطون الأحداث التي وقعت في أفغانستان وما تعلق بها بالآيات القرآنية الواردة في قصة موسى عليه السلام مع فرعون ربطاً تفصيلياً حيث إنهم يجعلون لكل حدث من الأحداث مهما كان صغيراً ارتباطاً بآية قرآنية وإن كثيراً من عامة الناس قد صدقوا هذه التفسيرات؟
الجواب: عرف التاريخ الإسلامي جماعة من الوعاظ والقصاص الذين كانوا يحدثون الناس في المساجد بالغرائب والأباطيل والأكاذيب وكان هؤلاء القصاص يستميلون قلوب العامة إليهم بذلك قال ابن قتيبة: [... القصاص فإنهم يميلون وجه العوام إليهم ويشيدون ما عندهم بالمناكير والأكاذيب من الأحاديث ومن شأن العوام القعود عند القاص ما كان حديثه عجيباً خارجاً عن نظر المعقول أو كان رقيقاً يحزن القلب ...] تأويل مختلف الحديث ص٣٥٧. والعامة في كل عصر مولعون بالغريب ويعجبون بالخرافة ويستمتعون بالعجائب وقد ظهر في زماننا هذا نوع جديد من القصاص يهواهم العامة ويتحلقون حولهم ويظنونهم من المجددين لدين الإسلام وهؤلاء القصاص الجدد يزعمون أن عندهم فهماً جديداً لآيات القرآن وينزلون آيات الكتاب الكريم على الواقع الذي تعيشه الأمة المسلمة اليوم وهو واقع مرير بلا شك. ويتعلق العامة بالقصاص الجدد بسبب حالة الضعف والذلة والهوان التي تعيشها الأمة المسلمة ونظراً لحالة العداء الشديدة للغرب عامة ولأمريكا خاصة السائدة اليوم في العالم الإسلامي فلما سمع عامة الناس كلام القصاص الجدد حول دمار أمريكا وغرقها وتدمير أبراجها إلى آخر المقولة التي يرددها القصاص الجدد تعلق العامة بهذا الكلام كتعلق الغريق بالقشة. وأذكر هنا أمثلة من ربط الأحداث الحالية بالآيات القرآنية مما يروج على العامة وأشباه طلبة العلم فمن ذلك: إن قصة موسى عليه السلام المذكورة في سورة القصص تنطبق على أمريكا اليوم وأن أمريكا ستغرق كما غرق فرعون وسيكون غرق أمريكا خلال سنة أو سنتين!!! قال الله تعالى: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَب أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلَمَّاءَاسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ) سورة الزخرف، الآيات ٥١-٥٦ - الزعم بأن كلمة فرعون تعني البيت العظيم ويوجد اليوم البيت الأبيض قال الله تعالى (... سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ) - الزعم بأن ما ورد في سورة القصص من ذكر لبعض الأمور بصيغة المثنى مثل (رجلين)(امرأتين)(الأجلين)(فذانك برهانان)(سحران تظاهرا)(أهدى منهما)(أجرهم مرتين) إن هذه التثنية تدل على أن القصة ستحدث مرتين الأولى مع فرعون والثانية مع أمريكا!!! - الزعم بأن قصة قارون المذكورة في سورة القصص تنطبق على السعودية لأن قارون كان من قوم موسى واليوم أسامة بن لادن سعودي فقارون هي السعودية. فالله آتى قارون من الكنوز:(إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة) والله سبحانه وتعالى أعطى السعودية آبار النفط. - الزعم بأن المراد بقوله تعالى على لسان فرعون:(فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى) أن الصرح هو المرصد الفلكي وأمريكا أطلقت التلسكوب الفضائي هابل. - الزعم بأن فرعون كان يقاتل القاعدة:(فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا) وأمريكا اليوم تقاتل شبكة القاعدة والناس تقول للقاعد فز!!! - الزعم بأن قوله تعالى مخاطباً موسى:(سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) ينطبق على انضمام جماعة الجهاد إلى القاعدة والآية قالت (عضدك) والظواهري اسمه أيمن!!! - الزعم بأن قوله تعالى:(قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ) بأنه ينطبق على مصاهرة أسامة بن لادن للملا عمر!!! الزعم بأن قوله تعالى: (فسقى لهما) ينطبق على حفر أسامة بن لادن لآبار المياه في أفغانستان!!! - الزعم بأن تحالف الشمال الأفغاني ينطبق عليه قوله تعالى:(إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) وقوله تعالى (والذين ظاهروهم) هم بنو قريظة والنسبة إليهم قرظي وقرظاي هو زعيم الحكومة الأفغانية الآن!!! - الزعم بأن قوله تعالى:(وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا) هي ١٠% من أرض أفغانستان التي كانت بأيدي تحالف الشمال الأفغاني حيث إن الطالبان والقاعدة سينتصرون عليهم ويطؤوا تلك الأرض التي لم يطؤوها من قبل!!! - الزعم بأن هناك توافقاً بين اسم موسى عليه السلام واسم أسامة بن لادن ففي قصة موسى في سورة القصص قال تعالى:(طسم) وأن السين والميم هما الحرفان المركزيان في اسم موسى وكذلك هما في اسم أسامة. والزعم بأن أوصاف موسى تنطبق على أسامة بن لادن من حيث الطول والسواد والأنف وحمل العصا فأسامة كذلك، إلى غير ذلك من المزاعم والترهات التي حاولوا إلصاقها بآيات الكتب المبين وبهر بها العامة. إنه نوع جديد من التلاعب بكلام رب العالمين إن كلام الله أجل وأعظم من هذه الأباطيل والترهات. وأقول في إبطال هذا الكلام ما يلي: ينبغي أن يعلم أنني لا أكتب هذا الكلام إلا دفاعاً عن كتاب الله سبحانه وتعالى وكلامي لا يعني أنني حريص على بقاء أمريكا بل إن كل مسلم يتمنى أن يقصم الله ظهر دول الكفر وعلى رأسها أمريكا. ولكنه الدفاع عن كلام رب العالمين حتى لا يكون لعبة للمتلاعبين بأقدس ما يملك المسلمون وألخص ردي فيما يلي: أولاً: إن تفسير كلام رب العالمين ليس من شأن العوام ولا من شأن أشباه طلبة العلم. إن تفسير كلام رب العالمين له قواعده وضوابطه التي قررها العلماء ولا بد من معرفتها قبل أن يخوض أي أحد في تفسير القرآن الكريم وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الجرأة على الخوض في كلام الله تعالى بغير علم فقد روى الترمذي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. وحسنه البغوي في شرح السنة ١/٢٥٨. وجاء في رواية أخرى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:(اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) رواه الترمذي وقال حديث حسن وحسنه البغوي في شرح السنة ١/٢٥٧. وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) رواه الترمذي ثم قال: [هكذا روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم شددوا في هذا في أن يفسر القرآن بغير علم] سنن الترمذي مع شرحه عارضة الأحوذي ١١/٥٠-٥١. وقد ذكر الإمام القرطبي في مقدمة تفسيره باباً بعنوان (ما جاء في الوعيد في تفسير القرآن بالرأي والجرأة على ذلك) وذكر فيه الأحاديث السابقة ثم ذكر أقوال أهل العلم في التحذير الشديد من التلاعب بكلام الله وتفسيره حسب الآراء والأهواء التي لا تقوم على أساس صحيح ونقل عن ابن عطية قوله: [وكان جلة من السلف الصالح كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي وغيرهما يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعاً واحتياطاً لأنفسهم مع إدراكهم وتقدمهم قال أبو بكر الأنباري: وقد كان الأئمة من السلف الماضي يتورعون عن تفسير المشكل من القرآن؛ فبعض يقدر أن الذي يفسره لا يوافق مرا الله عز وجل فيحجم عن القول. وبعض يشفق من أن يجعل في التفسير إماماً يبنى على مذهبه ويقتفى طريقه. فلعل متأخراً أن يفسر حرفاً برأيه ويخطئ فيه ويقول: إمامي في تفسير القرآن بالرأي فلان الإمام من السلف وعن ابن أبي مليكة قال: سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن تفسير حرف من القرآن فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني! وأين أذهب! وكيف أصنع! إذا قلت في حرف من كتاب الله تعالى بغير ما أراد تبارك وتعالى) تفسير القرطبي ١/٣٣-٣٤. وقال الإمام بن العربي المالكي: [من تسور على تفسير القرآن فصور صورة خطأ فله الويل، ومن أصاب فمثله، كما روى أبو عيسى وهكذا قال النبي عليه السلام في القاضي أنه إذا حكم بجهل وأصاب فله النار لإقدامه على ما لا يحل في أمر يعظم قدره وهو الإخبار عن الله بما لم يشرع في حكمه أو إخباره عن ما لم يرده بقوله في وحيه) عارضة الأحوذي ١١/٥٢. ثانياً: لا شك أن الله سبحانه وتعالى حث على الاتعاظ والاعتبار بآيات القرآن الكريم قال الله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) سورة القمر الآية ١٧. وهذه الآية تمسك بها القصاص الجدد ليفتحوا لأنفسهم باب القول في القرآن الكريم وفق أهوائهم وشهواتهم فيرون أنه لا يوجد أية شروط لمن أراد الادكار أي التفسير حتى لو كان كافراً. وهذا الكلام الباطل يرده ما قاله المفسرون في معنى الآية وهو (والله لقد سهلنا القرآن للحفظ والتدبر والاتعاظ لما اشتمل عليه من أنواع المواعظ والعبر (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي فهل من متعظ بمواعظه معتبر بقصصه وزواجره) انظر تفسير الألوسي ١٤/٨٣. تفسير ابن كثير ٦/٥٠، صفوة التفاسير ٣/٢٨٦. إن الادكار والاتعاظ والاعتبار شيء والتلاعب بكتاب الله شيء آخر ولا يقبل بحال من الأحوال أن يقول إنسان مهما كان برأيه في كتاب الله ثم يقول إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فلو قال إنسان مثلاً إن المراد بقوله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) البقرة هي عائشة رضي الله عنها ثم يقول هذا رأيي فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فالله ورسوله منه بريئان!!! هل يكون هذا الكلام مقبولاً؟ بالتأكيد لا، لأن التفسير له قواعده وأصوله. قال الشيخ مناع القطان رحمه الله: ذكر العلماء للمفسر شروطاً نجملها فيما يلي: ١-صحة الاعتقاد: فإن العقيدة لها أثرها في نفس صاحبها، وكثيراً ما تحمل ذويها على تحريف النصوص والخيانة في نقل الأخبار، فإذا صنف أحدهم كتاباً في التفسير أوَّل الآيات التي تخالف عقيدته، وحملها باطل مذهبه، ليصد الناس عن اتباع السلف، ولزوم طريق الهدى. ٢-التجرد عن الهوى: فالأهواء تدفع أصحابها إلى نصرة مذهبهم، فيغرون الناس بلين الكلام ولحن البيان، كدأب طوائف القدرية والرافضة والمعتزلة ونحوهم من غلاة المذاهب. ٣-أن يبدأ أولاً بتفسير القرآن بالقرآن، فما أُجمل منه في موضع فإنه قد فصل في موضع آخر، وما اختصر منه في مكان فإنه قد بسط في مكان آخر. ٤-أن يطلب التفسير من السنة فإنها شارحة للقرآن موضحة له، وقد ذكر القرآن أن أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما تصدر منه عن طريق الله (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله)[النساء: ١٠٥] وذكر الله أن السنة مبينة للكتاب: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)[النحل: ٤٤] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" يعني السنة. وقال الشافعي رضي الله عنه:"كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن" وأمثلة هذا في القرآن كثيرة –جمعها صاحب الإتقان مرتبة مع السور في آخر فصل من كتابه كتفسير السبيل بالزاد والراحلة، وتفسير الظلم بالشرك، وتفسير الحساب اليسير بالعرض. ٥-فإذا لم يجد التفسير من السنة رجع إلى أقوال الصحابة رضي الله عنهم فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال عند نزوله، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح. ٦-فإذا لم يجد في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، والربيع بن أنس وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين، ومن التابعين من تلقى جمع التفسير عن الصحابة، وربما تكلموا في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال، والمعتمد في ذلك كله النقل الصحيح، ولهذا قال أحمد:"ثلاث كتب لا أصل لها، المغازي والملاحم والتفسير" يعني بهذا التفسير الذي لا يعتمد على الروايات الصحيحة في النقل. ٧-العلم باللغة العربية وفروعها: فإن القرآن نزل بلسان عربي، ويتوقف فهمه على شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع، قال مجاهد:"لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب". والمعاني تختلف باختلاف الإعراب، ومن هنا مست الحاجة إلى اعتبار علم النحو، والتصريف الذي تعرف به الأبنية، والكلمة المبهمة يتضح معناها بمصادرها ومشتقاتها. وخواص تركيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، ومن حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها. ثم من ناحية وجوه تحسين الكلام- وهي علوم البلاغة الثلاثة: المعاني والبيان والبديع –من أعظم أركان المفسر. إذ لابد له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز، وإنما يدرك الإعجاز بهذه العلوم. ٨-العلم بأصول العلوم المتصلة بالقرآن، كعلم القراءات لأن به يعرف كيفية النطق بالقرآن ويترجح بعض وجوه الاحتمال على بعض، وعلم التوحيد، حتى لا يؤول آيات الكتاب التي في حق الله وصفاته تأويلاً يتجاوز الحق، وعلم الأصول، وأصول التفسير خاصة مع التعمق في أبوابه التي لا يتضح المعنى ولا يستقيم المراد بدونها، كمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، ونحو ذلك. ٩-دقة الفهم التي تمكن المفسر من ترجيح معنى على آخر، أو استنباط معنى يتفق مع نصوص الشريعة. مباحث في علوم القرآن ص ٣٤٠ – ٣٤٢. ثالثاً: إن الاتكاء على قوله تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) سورة الكهف الآية ٥٤. وقوله تعالى:(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) سورة يوسف الآية ١١١. ونحوها من الآيات التي أخذ منها القصاص أن كل شيء يحدث في هذا الكون لا بد وأن يكون مذكوراً في القرآن الكريم. فإن هذا فهم خاطىء لكلام الله والواقع يكذبه فإن أحداثاً كثيرة وقعت ليس لها ذكر في القرآن الكريم وإنما القرآن الكريم فيه عمومات تحمل عليها الحوادث قال الشيخ العلامة السعدي:[وينبغي أن تنزل جميع الحوادث والأفعال الواقعة والتي لا تزال تحدث على العمومات القرآنية فبذلك تعرف أن القرآن بيان لكل شيء وأنه لا يحدث حادث ولا يستجد أمر من الأمور إلا وفي القرآن بيانه وتوضيحه] تفسير السعدي ص١١. وأما القول بأن كل حادث صغير أو كبير مذكور في القرآن الكريم فادعاء باطل باطل. وخلاصة الأمر أنني أوجه نداء عبر هذا المنبر إلى هؤلاء الناس أن يثوبوا إلى رشدهم وأن يكفوا عن التلاعب بآيات القرآن الكريم وأن يكفوا عن إيقاع عامة الناس في الأوهام. وأن يعلموا أن لله سبحانه وتعالى سنناً في نصر المؤمنين وهزيمة الكافرين قال الله تعالى:(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) سورة النور الآية ٥٥، فقد علق الله تعالى نصر المؤمنين وتمكينهم في الأرض على اتباع أوامر الله جل جلاله وعبادته والبعد عن الشرك فهل هذا متحقق في الأمة المسلمة اليوم؟؟؟ وقال الله تعالى:(إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) فهل وجد الشرط حتى يتحقق المشروط؟؟؟