يقول السائل: ما هو المشروع من الأعمال في ليلة عيد الأضحى؟
الجواب: لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء في إحياء ليلة العيد سواء كان ذلك ليلة عيد الفطر أو ليلة عيد الأضحى وما ورد من روايات فهي أحاديث ضعيفة جداً وبعضها مكذوب على رسول صلى الله عليه وسلم كما سأبين بعد قليل. لذا فإن إحياء ليلة العيد بدعة غير مشروعة فلا يشرع إحياؤها بصلاة خاصة أو أذكار خاصة أو غير ذلك من الطاعات قال العلامة ابن القيم في وصف هدي النبي صلى الله عليه وسلم ليلة عيد الأضحى:[ثم نام حتى أصبح ولم يحي تلك الليلة ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيد شيء] زاد المعاد ٢/٢٤٧. بل ليلة العيد كغيرها من الليالي ليس لها خاصية تمتاز بها على غيرها وأما ما ورد من أحاديث فقد بين أهل الحديث حالها ودرجتها وأذكر بعضها: ١. ما روي عن أبي أمامه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من قام ليلتي العيدين محتسباً لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) وفي رواية (من أحيا) رواه ابن ماجة وذكره الدارقطني في العلل وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية وفي سنده متهم بالوضع وقال الحافظ ابن حجر: [حديث مضطرب الإسناد وذكر أن فيه متهماً بالوضع قاله المناوي في فيض القدير ٦/٣٩، وقال الألباني: موضوع انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة ٢/ ١١. ٢. ما روي عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر) رواه الأصبهاني ونصر المقدسي وفي إسناده عبد الرحيم بن زيد العمي وهو متروك كما قال النسائي والحافظ ابن حجر وقال يحيى ابن معين كذاب وحكم الشيخ الألباني على الحديث بأنه موضوع كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة ٢/ ١١. ٣. ما روي عن عبادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفي سنده عمر بن هارون البلخي وهو كذاب كما قال يحيى بن معين وابن الجوزي انظر السلسلة الضعيفة ٢/. وحكم عليه الألباني بأنه حديث موضوع في المصدر السابق وكذا في ضعيف الترغيب والترهيب ١/٣٣٤. ٤. ما روي عن كردوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) قال ابن الجوزي: [هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه آفات ثم ذكر من آفاته مروان بن سالم قال فيه النسائي والدارقطني والأزدي متروك العلل المتناهية ٢/٥٦٢. وقال الحافظ ابن حجر عنه: [ومروان هذا متهم بالكذب] . الإصابة ٥/٥٨٠. وقال الحافظ عنه في لسان الميزان:[هذا حديث منكر مرسل] ٤/٣٩١. وقال الذهبي في الميزان:[هذا حديث منكر مرسل] ٥/٣٧٢. ومن أهل العلم من قوى هذه الأحاديث بمجموع طرقها كما في مصباح الزجاجة ٢/٨٥. حيث قال:[فيقوى بمجموع طرقه] ومن أهل العلم من قال يتسامح في هذه الأحاديث لأنها في فضائل الأعمال كما قال الحافظ ابن حجر: [اعلم أنه يستحب إحياء ليلتي العيدين في ذكر الله تعالى والصلاة وغيرهما من الطاعات للحديث الوارد في ذلك: (من أحيا ليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) وروي: (من قام ليلتي العيدين لله محتسباً لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) هكذا جاء في رواية الشافعي وابن ماجة وهو حديث ضعيف رويناه من رواية أبي أمامه مرفوعاً وموقوفاً وكلاهما ضعيف لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها كما قدمناه في أول الكتاب] الأذكار ص ١٤٥. وما قاله الحافظ ابن حجر من التساهل في أحاديث الفضائل سبق له وأن قيده في أول كتابه الأذكار كما أشار إليه فقال [يجوز العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعا] الأذكار ص ٥. وهذه الأحاديث المذكورة في إحياء ليلتي العيد قد حكم عليها جماعة من المحدثين بأنها موضوعة أو فيها من هو كذاب أو متهم بالوضع فلا تنطبق عليها القاعدة السابقة. وخلاصة الأمر أن إحياء ليلتي العيدين بدعة لم يثبت فيه حديث يصلح للاحتجاج به أو الاعتماد عليه. السؤال الثاني: يقول السائل: إنه صاحب محل لبيع الورود وأنه يحضر الأزهار والورود لبيعها في يوم ١٤شباط بمناسبة عيد الحب فما حكم ذلك؟ الجواب: إن الأمة الإسلامية أمة مستقلة في شخصيتها وأعيادها وأمة الإسلام لها عيدان معروفان عيد الفطر وعيد الأضحى وليس لها أعياد سواهما. وقضية العيد جزء من شعائر الإسلام لا يجوز أخذها عن غيرها من الأمم أو الملل قال شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله:(إن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) وقال: (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره , ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه. وأما مبدؤها فأقل أحواله أن يكون معصية وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) اقتضاء الصراط المستقيم ١/٥٢٨-٥٢٩. والحديث الذي ذكره شيخ الإسلام رواه البخاري ومسلم ولفظه (عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث قالت: وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا) فهذا الحديث أوجب اختصاص الأمة الإسلامية بأعيادها فقط وعليه لا يجوز للمسلمين أن يحتفلوا بأي عيد آخر. وعيد الحب لا علاقة للمسلمين به لا من قريب ولا من بعيد بل أصله من أعياد الرومان الوثنيين وله في تاريخهم أساطير موروثة. ومما قيل في سبب هذا العيد أنه لما دخل الرومان في النصرانية بعد ظهورها وحكم الرومان الإمبراطور الروماني (كلوديوس الثاني) في القرن الثالث الميلادي منع جنوده من الزواج لأن الزواج يشغلهم عن الحروب التي كان يخوضها فتصدى لهذا القرار (القديس فالنتين) وصار يجري عقود الزواج للجند سراً فعلم الإمبراطور بذلك فزج به في السجن وحكم عليه بالإعدام وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان وكان هذا سراً فنفذ فيه حكم القتل يوم ١٤ فبراير عام ٢٧٠ ميلادي ليلة ١٥ فبراير عيد (لوبر كيليا) ومن يومها أطلق عليه لقب قديس. وعيد الحب هذا له مظاهر كثيرة في أوروبا وأمريكا حيث يتم تبادل الورود الحمراء وتوزيع بطاقات التهنئة وتبادل كلمات الحب والعشق وتقام الحفلات الراقصة المختلطة ويقع فيها من المنكرات ما الله به عليم. وبناء على ما سبق فإنه يحرم على المسلمين الاحتفال بعيد الحب لأنه من الشعائر الوثنية ولأنه مرتبط بالقديس فالنتين وهو مرتبط بخرافات وأساطير باطلة ونحن أمة الإسلام قد نهينا عن التشبه بغيرنا وقد قال الله تعالى:(ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) سورة آل عمران الآية ١٠٥. وصح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح كما قال الألباني في صحيح الجامع الصغير الحديث رقم ٦٠٢٥. وكذلك يحرم بيع كل ما له علاقة بهذا العيد أو الاستعداد له بتحضير الورود الحمراء أو المناديل الحمراء وغير ذلك مما هو مختص بهذا العيد ولا يجوز للمسلم المشاركة بهذا العيد بأي شكل من الأشكال. وينبغي أن يعلم أن الإسلام قد بين أسس وقواعد للحب فالإسلام هو دين المحبة المبنية على أسس سليمة متفقة مع الفطرة الإنسانية فالزوج يحب زوجته والزوجة تحب زوجها والمسلم يحب والديه والعكس صحيح والمسلم يحب أخاه وهكذا فالحب أشمل وأعم من هذا الحب المزعوم في عيد الحب فالحقيقة أن الحب في عيد الحب هو العشق واتخاذ الأخدان والعشيقات خارج نطاق الزواج والأسرة إنه دعوة للتحلل والإباحية. وختاماً فإن عدداً من علماء المسلمين المعاصرين قد أفتوا بتحريم الاحتفال بعيد الحب فمن ذلك ما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء السعودية جواباً على السؤال التالي (يحتفل بعض الناس في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير ١٤/٢، من كل سنة ميلادية بيوم الحب (فالنتين داي) ، ويتهادون الورود الحمراء ويلبسون اللون الأحمر ويهنئون بعضهم وتقوم بعض محلات الحلويات بصنع حلويات باللون الأحمر ويرسم عليها قلوب وتعمل بعض المحلات إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم فما هو رأيكم؟ فأجابت اللجنة: ... يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول والله جل وعلا يقول:(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) . ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله لاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً ولا يرفعون بالإسلام رأساً، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بطلب هدايته والثبات عليها فإنه لا هادي إلا الله ولا مثبت إلا هو سبحانه وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم