يقول السائل:: ما حكم قيام الناس لشخص يدخل إلى مجلسهم؟
الجواب: يجوز القيام للقادم إذا كان القيام بقصد إكرام أهل الفضل كالعلماء والوالدين لأن احترام هؤلاء وأمثالهم مطلوب شرعاً. وقد ثبت في الحديث الصحيح، عن أبي سعيد الخدري، أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه فجاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(قوموا إلى سيدكم، أو قال خيركم.... الحديث) رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري. قال الإمام النووي:" قوله صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم أو خيركم فيه إكرام أهل الفضل وتلقيهم بالقيام لهم إذا أقبلوا، هكذا احتج به جماهير العلماء لاستحباب القيام....، قلت القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاء فيه أحاديث ولم يصح في النهي عنه شيء صريح " شرح النووي على صحيح مسلم ١٢/٤٤٠. ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت:(ما رأيت أحداً من الناس كان أشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كلاماً ولا حديثاً ولا جلسة من فاطمة، قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأها قد أقبلت، رحب بها ثم قام إليها فقبلها، ثم أخذ بيدها فجاء بها حتى يجلسها في مكانه، وكانت إذا أتاها النبي صلى الله عليه وسلم رحبت به، ثم قامت إليه فأخذت بيده فقبلته....) رواه أبو داود والترمذي، وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني، انظر صحيح الأدب المفرد ص٣٥٦. ويؤيد ذلك ما جاء في الحديث الطويل في قصة توبة كعب بن مالك، حين تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فتاب الله عليه، وفيه:(وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنئوني بالتوبة يقولون: لتهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله الناس، فقام إليّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني....) رواه البخاري ومسلم وغير ذلك من الأحاديث. وينبغي التنبيه، أنه ورد النهي عن القيام للقادم إذا كان بقصد المباهاة والتفاخر والسمعة والكبرياء، فقد ورد في الحديث عن معاوية بن أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من سرّه أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار) رواه أبو داود والترمذي وحسنه. وقد جعل ابن رشد المالكي، القيام للقادم على أربعة أوجه: ١ - محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام له تكبراً وتعاظماً على القائمين إليه. ٢ - مكروه، وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل إلى نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولما فيه من التشبه بالجبابرة. ٣ - جائز، وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك، ويؤمن معه التشبه بالجبابرة. ٤ - مندوب، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحاً بقدومه، أو إلى من تجددت له نعمة، فهنئه بحصولها، أو مصيبة فيعزيه بسببها. " فتح الباري ١٣/٢٩٠. قال الشيخ أحمد بن قدامة المقدسي: " وقد قال العلماء: يستحب القيام للوالدين والإمام العادل، وفضلاء الناس، وقد صار هذا كالشعار بين الأفاضل، فإذا تركه الإنسان في حق من يصلح أن يفعله في حقه، لم يأمن أن ينسبه إلى إهانته والتقصير في حقه، فيوجب ذلك حقداً، واستحباب هذا في حق القادم لا يمنع الذي يقام له أن يكره ذلك ويرى أنه ليس بأهل لذلك " مختصر منهاج القاصدين ص ٢٥١. *****