يقول السائل: نسمع بعض المصلين عندما يسلم عن يمينه من الصلاة يقول: [السلام عليكم ورحمة الله وبركاته] ثم يسلم عن يساره بقوله:
الجواب: ثبت التسليم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه المتفق عليه عند أكثر أهل العلم هو السلام عليكم ورحمة الله [على اليمين] ثم السلام عليكم ورحمة الله [على الشمال] والسلام بهذا اللفظ وبدون زيادة لفظ [وبركاته] قد ورد عن جماعة من الصحابة ذكرهم العلامة ابن القيم في زاد المعاد ١/٢٥٨. ومنها حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الوارد في التسليم بدون زيادة [وبركاته] ونصه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم: (كان يسلم عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله) رواه الترمذي وقال حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق. سنن الترمذي ٢/٩٠. وغيره من الأحاديث وجمهور أهل العلم على الاقتصار في التسليم على [السلام عليكم ورحمة الله] بدون زيادة [وبركاته] . وأما زيادة لفظة [وبركاته] فقد وردت في بعض الروايات فمن ذلك ما جاء في إحدى روايات حديث ابن مسعود السابق عند ابن حبان: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) فقد ورد في هذه الرواية زيادة [وبركاته] في التسليمة الثانية. وروى أبو داود بإسناده عن علقمة بن وائل عن أبيه قال:(صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله) ففي هذه الرواية وردت لفظة [وبركاته] في التسليمة الأولى. وقد ذكر الإمام النووي في المجموع وفي الخلاصة هذا الحديث بزيادة وبركاته في التسليمتين ثم قال: رواه أبو داود بإسناد صحيح. المجموع ٣/٣٧٩ والخلاصة ١/٤٤٤-٤٤٥. كما ذكر الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام رواية حديث وائل السابق بزيادة وبركاته في التسليمتين:(صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) . ثم قال الحافظ ابن حجر: رواه أبو داود بإسناد صحيح. بلوغ المرام ص ٣٤٢. وقد علق الشيخ الألباني على ذلك بقوله:[ولكنهما - الووي وابن حجر - أورداه مع الزيادة في التسليمتين فلا أدري أذلك وَهمٌ منهما أو هو من اختلاف النسخ فإن الذي في نسختنا وغيرها من المطبوعات ليس فيه هذه الزيادة في التسليمة الثانية وهو الموافق لحديث ابن مسعود في مسند الطيالسي ...] ارواء الغليل ٢/٣٢ وانظر تمام المنة ص ١٧١. وما قاله الشيخ الألباني صحيح فلا يوجد في نسخة سنن أبي داود المطبوعة مع شرحه عون المعبود لفظة وبركاته في التسليمة الثانية. انظر عون المعبود ٣/٢٠٧. ولا توجد هذه اللفظة كذلك في نسخة سنن أبي داود المطبوعة مع شرحه المنهل العذب المورود ٦/١١٦. وخلاصة الأمر أن الثابت المشهور في التسليم من الصلاة أن يقول المصلي:[السلام عليكم ورحمة الله] في التسليمتين عن يمينه وعن يساره. وإن زاد [وبركاته] في التسليمة الأولى أحياناً فلا بأس به. انظر صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ص ١٦٨. وقد اختار هذه الزيادة جماعة من الفقهاء والمحدثين كما في المجموع للنووي ٣/٤٧٨. وقال الصنعاني:[وحديث التسليمتين رواه خمسة عشر من الصحابة بأحاديث مختلفة ففيها صحيح وحسن وضعيف ومتروك وكلها بدون زيادة [وبركاته] إلا في رواية وائل هذه ورواية عن ابن مسعود عند ابن ماجة وعند ابن حبان ومع صحة إسناد حديث وائل كما قال المصنف - الحافظ ابن حجر - هنا يتعين قبول زيادته إذ هي زيادة عدل وعدم ذكرها في رواية غيره ليست رواية لعدمها ... وقد عرفت أن الوارد زيادة [وبركاته] وقد صحت ولا عذر عن القول بها وقال به السرخسي والإمام والروياني في الحلية. وقول ابن الصلاح: إنها لم تثبت قد تعجب منه المصنف وقال هي ثابتة عند ابن حبان في صحيحه وعند أبي داود وعند ابن ماجة قال المصنف: إلا أنه قال ابن رسلان في شرح السنن: لم نجدها في ابن ماجة. قلت - أي الصنعاني -: راجعنا سنن ابن ماجة من نسخة صحيحة مقروءة فوجدنا فيه ما لفظه: باب التسليم حدثنا ... (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) انتهى بلفظه. وفي تلقيح الأفكار تخريج الأذكار للحافظ ابن حجر لما ذكر النووي أن زيادة وبركاته زيادة فردة ساق الحافظ طرقاً لزيادة وبركاته ثم قال هذه عدة طرق ثبتت بها وبركاته بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة] انتهى كلامه. سبل السلام ١/٣٧٦-٣٧٧. *****