يقول السائل: ما موقف المسلم عندما تحل عليه المصائب كموت عزيز عليه؟
الجواب: المطلوب من المسلم أن يصبر ويحتسب ويسترجع فيقول " إنا لله وإنا إليه لراجعون " ويحرم شق الجيوب أي تمزيق الثياب ولطم الخدود ونشر الشعر والنياحة أما الصبر فقد حث الله سبحانه وتعالى المؤمنين في كتابه الكريم على الصبر وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقد وردت نصوص كثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في الصبر منها: قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة آل عمران الآية ٢٠٠. وقال تعالى:(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) سورة البقرة ٤٥. وقال تعالى:(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) سورة البقرة الآية ١٥٥-١٥٧. وقال تعالى:(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) سورة محمد الآية ٣١. وقال تعالى:(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) سورة الزمر الآية ١٠. وقال تعالى:(وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) سورة النحل الآية ١٢٦. وقال تعالى:(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) سورة الشورى الآية ٤٣. وصح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(والصبر ضياء) رواه مسلم. وعن صهيب الرومي رضي الله عنه قال:(عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) رواه مسلم. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به -إنا لله وإنا إليه راجعون - اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها) رواه مسلم وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: (أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم: إن ابني قد احتضر فاشهدنا أرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب. فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها. فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال رضي الله عنهم فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي فأقعده في حجره ونفسه تقعقع ففاضت عيناه فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده) وفي رواية: (في قلوب من شاء من عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) متفق عليه. وعن أنس رضي الله عنه قال:(مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري. فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي! ولم تعرفه فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك. فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى) متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:(يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة) رواه البخاري. فالصبر على البلاء بشتى أنواعه وأشكاله مطلوب من المسلم فإنه وإن كان شديداً على النفس وصعباً عليها فعلى المسلم أن يصبر نفسه فالصبر على البلاء بضاعة الصديقين ويدل على قوة اليقين بالله تعالى فلذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه:(وأسألك من اليقين ما تهون عليَّ به مصائب الدنيا) رواه الترمذي وقال حديث حسن، ورواه النسائي والحاكم وصححه. ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس وخاصة من النساء إذا أصابتهم مصيبة كموت ولد أو أخ أو زوج أو قريب أنهم يفقدون السيطرة على أعصابهم فيقعون في أمور محرمة نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن من أمور الجاهلية الباقية في الأمة النياحة على الأموات فقد جاء في الحديث عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) رواه مسلم. وعن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال:(اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت) رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاح أسامة بن زيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس هذا مني وليس بصائح حق، القلب يحزن والعين تدمع ولا نغضب الرب) رواه ابن حبان والحاكم وسنده حسن كما قال الشيخ الألباني في أحكام الجنائز ص ٢٧. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) متفق عليه. وجاء في حديث إحدى النساء اللواتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:(كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه وأن لا نخمش وجهاً ولا ندعو ويلاً ولا نشق جيباً وأن لا ننشر شعراً) رواه أبو داود والبيهقي بسند صحيح، قاله الشيخ الألباني في أحكام الجنائز ص ٣٠