يقول السائل: إذا قرأ خطيب الجمعة وهو على المنبر آية فيها سجدة فماذا يعمل بالنسبة لسجود التلاوة؟
الجواب: إذا قرأ خطيب الجمعة وهو على المنبر آية فيها سجدة فإن أمكنه السجود على المنبر فبها ونعمت، وإن لم يمكنه السجود على المنبر فإن شاء نزل وسجد وإن شاء ترك السجود ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى. وهذا قول جماعة من أهل العلم وقد فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمحضر من الصحابة فهو بمثابة الإجماع. قال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[وإن قرأ السجدة في أثناء الخطبة فإن شاء نزل فسجد وإن أمكنه السجود على المنبر سجد عليه وإن ترك السجود فلا حرج، فعله عمر وترك وبهذا قال الشافعي وترك عثمان وأبو موسى وعمار والنعمان بن بشير وعقبة بن عامر ... ] المغني ٢/٢٣٠. وفعل عمر الذي أشار إليه ابن قدامة رواه البخاري في صحيحه بإسناده أن عمر بن الخطاب: (قرأ يوم الجمعة على المنبر سورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيها الناس إنما نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه ولم يسجد عمر رضي الله عنه. صحيح البخاري مع فتح الباري ٣/٢١٣. وفعل عمر رضي الله عنه وقوله في هذا الموطن والمجمع العظيم من الصحابة دليل على جواز السجود وتركه وأن لا حرج في ذلك. وقال الحافظ ابن حجر:[وفي الحديث من الفوائد أن للخطيب أن يقرأ القرآن في الخطبة وأنه إذا مر بآية سجدة ينزل إلى الأرض ليسجد بها إذا لم يتمكن من السجود فوق المنبر وأن ذلك لا يقطع الخطبة ووجه ذلك فعل عمر مع حضور الصحابة ولم ينكر عليه أحد منهم] فتح الباري ٣/٢١٣. ومما يدل على أنه يجوز للخطيب أن ينزل عن المنبر ليسجد سجود التلاوة ما جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر " ص" فلما بلغ السجدة نزل سجد وسجد الناس معه فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزَّن الناس للسجود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود فنزل فسجد وسجدوا) رواه أبو داود والبيهقي والحاكم وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ١/٢٦٥.
والتشزن معناه التأهب والتهيؤ للشيء والاستعداد له، أي استعدوا للسجود. وأخيراً فإن بعض العلماء يرون أن الأولى في الخطيب أن لا يقرأ آية فيها سجدة أثناء الخطبة. قال الماوردي: [والأولى بالإمام أن لا يقرأ في خطبته آية سجدة) الحاوي الكبير ٢/٤٤٤.